آخر تحديث :السبت - 06 ديسمبر 2025 - 01:39 ص

كتابات واقلام


الإصلاح الاقتصادي وراتب الموظف.. بين ملامح التحسين وكابوس التأخير

الثلاثاء - 05 أغسطس 2025 - الساعة 02:49 م

د.أمين العلياني
بقلم: د.أمين العلياني - ارشيف الكاتب


في خضم معركة الإصلاح الاقتصادي التي تخوضها الحكومة، والبنك المركزي يظل الموظف حبيس التساؤلات المشروعة: متى يصل راتبه في ظل إعلامية الإصلاح الاقتصادي؟ وهل ستتحسن قيمته الشرائية أم سيُبتلع بين ارتفاع الأسعار وتأخير الصرف؟ فبينما تُعلن الإصلاحات لتحقيق عيش كريم، تتحول البنوك التجارية - التي أُجبرت على استيعاب رواتب الموظف بأمر من الحكومة - إلى مصدر قلق جديد، خاصة مع تورط بعضها في استيراد السلع وتمردها على سياسة تخفيض الأسعار. فهل تصبح الحكومة قادرة على إلزام تلك البنوك والمصارف التجارية لضمان استمرار الرواتب؟ وأين الموظف من هذه المعادلة الصعبة؟

فرضت الحكومة فتح حسابات للموظف في بنوك تجارية بصورة إلزامية لكن هذه الخطوة تحولت إلى عبء مزدوج على الموظف: فمن جهة، تعاني هذه البنوك والمصارف التجارية معركة اقتصادية مع الحكومة والبنك المركزي، ربما هذا يؤخر من صرف رواتب الموظفين، ومن جهة أخرى، يزداد غموض أدوارها، خاصة مع انخراط بعضها في استيراد المواد الأساسية ورفضها التكيف مع سياسة خفض الأسعار. فهل تملك الحكومة قدرة على إخضاع هذه البنوك والمصارف التجارية وتجعلها تحت رقابة صارمة تصرف راتب الموظف بالوقت المحدد ضمن سلسلة الإصلاح الاقتصادي؟ أم أن الموظف سيبقى رهين انتظار راتبه بينما تتوسع هذه المؤسسات في أنشطة تتعارض مع مصلحته؟
ورغم الحديث المتكرر عن تحسين الأجور وترشيد الإنفاق، لا يزال الموظف ينتظر بارقة أمل ملموسة. فانخفاض سعر الصرف لم يُترجم بعد إلى انخفاض حقيقي في الأسعار في ظل تعنت بعض البيوت والمجموعات التجارية عن تخفيض منتجاتها المستوردة، مما ينعكس على تأخير الرواتب ويزيد الطين بلة. الأسئلة تتصاعد: متى ستُفتح وتصرف الرواتب المتأخرة والتسويات المتعثرة؟ ولماذا تُجرى معارك الإصلاح الاقتصادي على حساب الموظف الذي يُفترض أن يكون المستفيد الأول منه وأول الاستفادة هو صرف راتبه؟
المفارقة المؤلمة أن الإصلاحات التي قُدمت على أنها لصالح الموظف جعلته أكثر قلقًا: فبينما يترقب انخفاض الأسعار، يُصدم بتأخير راتبه، وبينما يُعد بتحسين الأجور، يجد نفسه غارقًا في دوامة الغلاء. فمن يمنحه ضمانة وصول راتبه في موعده؟ ومن يحميه من تداعيات الصراع بين الحكومة والقطاع المصرفي؟

لا يكفي أن تكون الإصلاحات الاقتصادية نوايا حسنة ما لم تلامس حياة الموظف؛ فالمطلوب خطوات عاجلة لضمان صرف الرواتب دون تأخير، ومراجعة دور البنوك التجارية، وإشراك الموظفين في أي تعديلات أجور. فإذا كانت المعركة الحقيقية هي لتحقيق العدالة، فلا يجوز أن يبقى الموظف ضحيتها الأول. والسؤال الأصعب: هل تُكون الحكومة واضعة في حسبانها رواتب الموظف قبل أن صبح محل ابتزاز مع تلك البنوك والمصارف التجارية أم تصبح مجرد خدعة أوقعت الموظف تحت شفقة تلك البنوك لتصبح الإصلاحات الاقتصادية مجرد تخدير عاطفي؟