آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


سردية اللعبة المكشوفة في العملات والأسعار وأثره على حياة الناس

الأحد - 07 سبتمبر 2025 - الساعة 10:40 ص

اللواء علي حسن زكي
بقلم: اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


لقد هبطت العملة المحلية قياساً بارتفاع أسعار صرف العملات الخارجية (خلال الفترة الماضية) بصورة غير مسبوقة، حيث وصل سعر صرف الدولار ٢٩٠٠ ريال، فيما تجاوز سعر صرف السعودي حاجز ٨٠٠ ريال. ومعها ارتفعت أسعار المواد الأساسية والأدوية وملابس وألبان الأطفال والوقود والمحروقات وأجرة المواصلات وغاز الطبخ وبقية المتطلبات الأخرى وإيجار المساكن، ارتفع كل ذلك بصورة قياسية ومؤلمة في (لعبة مكشوفة) طالما أن ذلك قد تم:
في ظل استمرار نزيف الثقب الأسود (بند الإعاشة)، وكذلك مرتبات بالدولار لمن هم في الخارج ولأصحاب الحظوة والنفوذ بالداخل، وفي ظل انتشار ظاهرة الفساد والتلاعب والمضاربة بالعملة والعبث بالوديعة السعودية، وهو ما يمكن أن يتكرر في حال وصول وديعة خليجية لدعم ثبات أسعار الصرف وتحسين معيشة الناس، ما لم يتم وضع ضوابط للعبث وفرض رقابة صارمة على نشاط محلات الصرافة وضبط المصارفة والمضاربة بالعملة، وكذلك ضبط التلاعب بأسعار المواد الأساسية… وإيجارات المساكن بما يتناسب ويتماشى مع أسعار الصرف حتى يتفاعل المواطن ويصير جزءاً مساهماً في الإصلاحات.
لقد اتضحت كل تفاصيل سردية (اللعبة المكشوفة): الفساد والمضاربة بالعملة والإعاشة والوديعة، اتضحت بالإجراءات التي اتخذها رئيس الحكومة، والخطوات المصرفية التي اتخذها رئيس البنك المركزي، ودخول وزارة الخزانة الأمريكية على خط الإصلاحات، وكذلك دخول القضاء ممثلاً بالنيابة العامة وفتح ملفات فساد وعقلنة أسعار الصرف.
ومع كل ذلك، لا زالت أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية تباع بنفس الأسعار السابقة باستثناء تخفيض بسيط لا يتناسب مع هبوط الصرف. ولسان حال التجار وأصحاب البقالات يقول إن لديهم بضاعة اشتروها في ظل الارتفاع، وكذلك خشيتهم من عدم ثبات أسعار الصرف، وهو ما لم يقولوه عندما كانوا يرفعون قيمة البضاعة مع كل ارتفاع للعملة (معادلة مختلة). ولذا صار تحسن الصرف بالنسبة للمواطن مجرد أرقام طالما لم يلمسه في أسعار متطلباته.
فيما أصحاب الصيدليات ومحطات المحروقات وغاز الطبخ ومالكي المساكن عاملين "أذن من طين وأذن من عجين"، وفي الحالتين الكل مستفيدون من ضعف وجود أي متابعة حثيثة وعدم جدية إجراءات عقابية (انت قل ما تشاء، أنا أفعل ما أشاء).
إن بعض محلات الصرافة قد ارتكبت خلال اليومين الماضيين مذبحة جماعية ذهب ضحيتها مال عدد من المواطنين، حيث أخذت منهم ما كان لديهم من عملة بالريال السعودي حوشوها من أولادهم الجنود وأقاربهم المغتربين كمصاريف لأسرهم (بأسعار متدنية) بعد نزول إشاعة بأن الصرف سوف يهبط، واستغلالاً لحالة الارتباك لدى الناس بصورة عامة طالما أنهم قد تفاجأوا بهبوط سعر العملات دون أن يسبقه أي تحسن اقتصادي أو تصدير للغاز والنفط أو وصول وديعة خارجية. وما كان قد تولد لديهم من هاجس أن الانخفاض المفاجئ بعد الارتفاع المفاجئ وارد، وهو ما سهل على تلك المحلات الإيقاع بهم في جريمة مصرفية جنائية مكتملة الأركان لا ريب. فمن ينصفهم؟.
اللافت أن يترافق كل ذلك مع عدم صرف المرتبات للبعض لثلاثة أشهر مضت حتى الآن، بعد أن كان راتب الشهرين للجميع يصل في شهر واحد. وتوقف خدمة الكهرباء ومعها الماء لعشرة أيام كاملة حتى الآن بعد أن كانت تتوقف أربع ساعات وتشتغل ساعتين. واستمرار غياب الوظيفة العامة وانتشار ظاهرة البطالة بين الخريجين، حيث وجدوا أنفسهم على رصيف البطالة، وهو ما انعكس على بقية الطلاب وعلى صورة تسرب وعزوف عن الالتحاق بالكليات والمدارس الثانوية بعد أن لاحظوا من سبقوهم وأن مصيرهم لن يكون بأحسن منهم.
فضلاً عن ضعف التعليم وضياع أغلب أيام الدراسة ومعه ضعف التحصيل العلمي بسبب الإضرابات، وكذلك ضعف الصحة العامة ونظافة البيئة، وطفح المجاري والبيارات وتجمع المياه الآسنة نتيجة الأمطار ووجود المستنقعات، وانتشار البعوض الناقل للأمراض والحميات والملاريا والإسهالات.
خلاصة القول: العلّة في الفساد، الفساد بيت الداء وجذر المشكلة.
والحل: ثورة مجتمعية سلمية تقتلع الفساد كما اقتلع الشعب الصيني – مدعوماً بإرادة سياسية – زراعة واستيراد الأفيون وأخرجه من حياته، واتجه نحو البناء والتعمير وأحدث نهضة اقتصادية وصناعية وزراعية وتنموية وعمرانية وعلمية وتكنولوجية وفضائية أوصلت بلاده إلى مصاف الدول الأكثر تقدماً في شتى مجالات الحياة والعلوم، بل جعلت تلك الدول تخشى التنين الصيني.
إرادة الشعب لا تُقهر.