آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


26 سبتمبر .. ثورة مشردة وذكرى بلا وطن

الأحد - 28 سبتمبر 2025 - الساعة 01:47 م

علي سيقلي
بقلم: علي سيقلي - ارشيف الكاتب


في الخارج، حيث الفنادق المكيّفة وبارات الشتات، يحتفل "ثوّار الغفلة" بذكرى 26 سبتمبر، بينما الثورة نفسها ماتت ودفنت في صنعاء، وورثها الحوثي كملكية خاصة يضعها في سرداب سيد الكهف، يخرجها متى شاء ليلوح بها في وجه الأمم المتحدة.

الذين يدّعون أنهم أبناء الثورة، تركوا الوطن بما فيه، الجبل والوادي والبقر والغنم والنساء العجائر، وحتى بيوت الطين التي ورثوها عن أجدادهم.
حملوا الجوازات والجنسيات والحقائب ذات الأربع عجلات، وطاروا برضاهم إلى دول الشتات، لم يطلقوا رصاصة واحدة قبل الرحيل، ولم يرموا حتى حجرًا في وجه الحوثي.

بعضهم صار خبيرًا في "البورصة الثورية" يسرق أموال التحالف، ويبيع السلاح للحوثي، ثم يجلس على قناة فضائية ليحدثنا عن "قدسية الثورة" و"الجمهورية الخالدة". وفي تويتر، يكتب منشورًا مدموغًا بعبارة "عاشت ثورة سبتمبر المجيدة".
أما توكل وما ادراك ما توكل، قالت "سلام على سبتمبر وآل سبتمبر"
وكاني بها خلطت بين الثورة والنبوة، مستبدلة الصلاة عالنبي بالصلاة على سبتمبر، فضاعت هي وضاع سبتمبر معها.

أما الوقاحة فبلغت حد أن الحوثي نفسه صار يشاركهم الاحتفال، لكن بسرية تامة، في غرف مغلقة، بينما يمنع في صنعاء أي مظهر علني لهذه الذكرى. وفي مشهد عبثي ترفع الشرعية علم اليمن في الرياض، والحوثي يرفعه في صنعاء، أما الشعب في المناطق المحررة فلا يجد حتى "حفاظة" بلون العلم اليمني يغطّي بها عورة الشرعية.

الناس هنا يموتون من انقطاع الرواتب، من الفقر والغلاء والمرض، بينما ثوار الخارج تصرف لهم رواتب بالدولار، تصل بانتظام في نهاية كل شهر، حتى لو تأخر راتب الموظف المسكين في كل محافظات اليمن شمالا وجنوبا لسنوات.
فهل ننتظر من هؤلاء أن يحرروا الأرض؟ أم ننتظر منهم أن يكتبوا بيان "نعي" جديد للثورة، يذيعونه من قنواتهم الممولة من أسيادهم، بينما الوطن يشيّع آخر أنفاسه؟

الحقيقة أن 26 سبتمبر لم تعد ثورة ولا هم يحزنون، بل صارت مناسبة موسمية تشبه "الكريسماس الثوري" لم يستفد منها أهل الأرض سوى يوم إجازة نوم رسمية ويحتفل بها المنفيون على وقع خطابات فارغة وكؤوس شمبانيا، وقوارير ستيلا.
إنها ذكرى بلا وطن، وثورة مشردة مثل أهلها، تتجول بجوازات أجنبية وتتصرف كما لو أن لها الحق في أن تحتفل وهي فاقدة لكل شيء، الأرض، الشعب، السيادة، العزة، الكرامة، وحتى الخجل.