آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


الوثيقة اليمنية للسلام... هل آن أوانها؟

الثلاثاء - 14 أكتوبر 2025 - الساعة 01:06 ص

المحامي جسار فاروق مكاوي
بقلم: المحامي جسار فاروق مكاوي - ارشيف الكاتب


خطة ترمب ذات النقاط العشرين ، و ما تبعها من اتفاق شرم الشيخ في مصر ، لم تكن مجرد تسوية سياسية عابرة ، بل شكلت منعطفًا حقيقيًا في واحدة من أكثر مناطق العالم اشتعالًا . تلك الخطة ، التي جاءت في لحظة إقليمية دقيقة ، أنهت حربًا ضروسًا و أرست معادلة جديدة في منطقة كانت تعج بالحروب و الاقتتال ، و كأنها وثيقة تحدٍ جديدة تثبت أن الإرادة السياسية حين تتجسد ، قادرة على أن تصنع السلام مهما كانت التعقيدات . اللافت في تلك التجربة ، أنها لم تخرج من رحم المؤسسات الدولية أو عبر دهاليز الأمم المتحدة ، بل من تحالف إرادات إقليمية و دولية قررت أن توقف نزيفًا مستمرًا ، و أن تعيد هندسة مشهد الشرق الأوسط وفق معادلة استقرار جديدة . بينما ، في المقابل ، ظل الملف اليمني غارقًا في دوامة المبعوثين الأمميين و مكاتبهم ، الذين لم يحققوا اختراقًا حقيقيًا رغم مرور سنوات طويلة من الهدن و المشاورات التي لم تتجاوز حدود البيانات و المجاملات الدبلوماسية.

هذه المقارنة تفرض علينا اليوم في اليمن —شمالًا و جنوبًا— أن نعيد التفكير بجدية في صياغة وثيقة سياسية يمنية خالصة ، تخرج من رحم الإرادة الوطنية لا من ضغوط الخارج . وثيقة تستلهم روح التجارب الناجحة دون أن تستنسخها ، و تقوم على مرتكزات واقعية تعترف بخصوصية الحالة اليمنية و تعقيداتها التاريخية و السياسية.
لكن السؤال الأهم : هل نحن مستعدون لأن نكتب وثيقتنا بأيدينا ، بعيدًا عن الوصاية الدولية؟ .
و هل من الضرورة أن تكون هذه الوثيقة (عشرينية) على غرار خطة ترمب ، أم أن ما نحتاجه حقًا هو وثيقة واحدة تضع حدًا لانقسامنا و تؤسس لسلامٍ دائمٍ على قاعدة العدالة و الاحترام المتبادل؟

لقد آن الأوان لأن نؤمن أن الحل لن يأتي من الخارج ، و أن السلام الحقيقي لا يُفرض ، بل يُبنى من الداخل على أسس من الاعتراف المتبادل بالحقوق ، و القبول بالتعدد ، و إعادة الثقة بين المكونات الوطنية . عندها فقط ، يمكن أن يكون لنا (شرم الشيخ يمني) يوقف الحرب لا بالكلمات ، بل بالفعل و الإرادة الصادقة .