آخر تحديث :الأحد - 14 ديسمبر 2025 - 01:43 ص

كتابات واقلام


عدن تغرق في الظلام... والشرعية تغرق في الفساد والعالم يتفرج

الخميس - 23 أكتوبر 2025 - الساعة 11:07 م

سعيد ناصر مجلبع بن فريد
بقلم: سعيد ناصر مجلبع بن فريد - ارشيف الكاتب


تغرق العاصمة عدن في الظلام، وتغوص في معاناةٍ لا تنتهي. الكهرباء مقطوعة لساعاتٍ طويلة، والمياه بالكاد تصل إلى المنازل، والطرقات تئن تحت وطأة الإهمال، والمستشفيات تعمل في ظروفٍ مأساوية. مدينة كانت يومًا درة البحر العربي وميناءً عالميًا تعيش اليوم أسوأ حالاتها، بينما لا أحد يتحرك لإنقاذها.

وفي المقابل، تغرق ما تُسمّى "الشرعية" في وحل الفساد والمحاصصة والترف، تتنقل بين الفنادق والعواصم، وكأنها تعيش في عالمٍ آخر لا يمتّ بصلة لمعاناة الناس. لم يعد المواطن يرى من هذه الشرعية سوى بياناتٍ جوفاء، ومناصب تُشترى وتُباع، ووعودٍ لا تُنفّذ.

إن ما يحدث في عدن ليس أزمة كهرباء فقط، بل هو صورة مصغّرة لفشلٍ كبيرٍ في إدارة الدولة، وانعدامٍ تامٍ للمسؤولية. فكيف لمدينة بحجم عدن، بمينائها وموقعها وثرواتها، أن تغرق في الظلام بينما مليارات الدولارات تُصرف دون أثرٍ ملموسٍ على الأرض؟

أما التحالف العربي، الذي جاء تحت شعار "إعادة الشرعية"، فقد بات دوره اليوم محل تساؤلاتٍ كثيرة. فهل يُعقل أن تبقى عدن، العاصمة المؤقتة، بهذه الحال المأساوية دون تدخلٍ حقيقي؟ أين الدعم الموعود؟ وأين وعود الإصلاح وتحسين الخدمات التي سمعناها مرارًا؟

أما المجتمع الدولي، فقد اكتفى بدور المتفرج. يصدر بياناتٍ باردة، ويعقد اجتماعاتٍ مطوّلة، لكن النتيجة واحدة: عدن تغرق والناس يعانون، ولا أحد يشعر بآلامهم. العالم يرى ويسمع، لكنه يصمت وكأن ما يجري خارج حدود الإنسانية.

إن أبناء الجنوب لم يعودوا يطلبون المستحيل، بل يطالبون بحقهم في العيش الكريم، في كهرباءٍ لا تنطفئ كل ساعة، وفي ماءٍ نقيٍ ودواءٍ متوفرٍ ومستقبلٍ آمنٍ لأبنائهم. لقد صبروا كثيرًا، لكن للصبر حدود، وللألم صرخة لا يمكن كتمها.

عدن اليوم تنادي كل الأحرار: أنقذوا ما تبقى قبل أن يغرق الجميع. فعدن التي أضاءت دروب التاريخ لن تُطفئها مؤامرات الفساد، ولن تنكسر أمام صمت العالم، لأن في الجنوب رجالاً أوفياء يعشقون أرضهم ولن يتركوها فريسةً للظلام.


---

رسالة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي

كفى النظر من بعيد، وكفى انتظارًا أطول مما مضى. لقد بلغ السيل الزُبى، والمواطن الجنوبي لم يعد يحتمل مزيدًا من المعاناة. الناس في عدن وسائر محافظات الجنوب أنهكتهم الأزمات، وأرهقهم الظلام، وضاقت صدورهم من الوعود التي لم تترجم إلى أفعال.

نعم، نُقدّر الجهود السياسية والعسكرية، ونعلم حجم التحديات والمؤامرات، لكن المواطن يريد أن يلمس على أرض الواقع خطواتٍ حقيقية تُخفف من معاناته. يريد كهرباءً مستقرة، ومياهًا متوفرة، وخدماتٍ تحترم إنسانيته وكرامته.

لقد آن الأوان أن يتحرك المجلس الانتقالي بخطواتٍ عملية وشجاعة تُعيد الثقة إلى الشارع الجنوبي، وأن يُثبت للعالم أن الجنوب لا ينتظر منّةً من أحد، بل يصنع مستقبله بيده.

اتخذوا القرار، وابدؤوا الفعل، فالشعوب لا تُبنى بالانتظار، بل بالإرادة والعمل والإصرار. والمواطن اليوم لا يريد بياناتٍ جديدة، بل يريد نورًا في بيته وكرامةً في معيشته.