آخر تحديث :السبت - 26 أبريل 2025 - 09:31 م

ثقافة وأدب


رصاصة طائشة

الخميس - 17 يونيو 2021 - 03:53 م بتوقيت عدن

رصاصة طائشة

الكاتب : احمد الجعشاني

بدأ ضوء النهار خفى..
والشمس تسحب نفسها رويدا..
قبل ان يسجى الليل مكانه ..
كان ذلك هو نفس المكان.. في ذلك الشارع حيث يلعب الأطفال الكرة .. يعود الماضي خطوة إلى الوراء ..مضت ثلاثون عام.. تبدلت فيها الأشياء..ولكن المكان هو المكان.. مباني كبيرة ..يضيق الشارع.. المساحة اصبحت صغيرة .. كبرت المباني... ومساحة المسجد تكبر.. أكوام من القمامة منتشرة ..أمام البقالة كنت واقف نفس المكان.. تذكرت نفسي صغيرا ..عاد الصبى و أخذ الكرة.. كما هي الحال تتغير الأعمار.. الكرة والصبي ..متعة الشارع .. يتقاذفون الكرة بينهم تتعالى أصواتهم ..تحت السقيفة ..ركن الشارع.. كان البيت القديم ..حيث كنا نجلس ..نتداول حديث المساء.. لازال المكان هو.. صوت المكرفون يقدح من بعيد..حفلات الزواج لا تنتهي.

يعود الصبي مرة اخرى..يقذف الكرة بعيدا ..يركض الأطفال خلفها....صبي البقالة واقف يحدق النظر إليهم ..لم يتمالك نفسه ..ركض مسرعا للعب معهم .. طلقات رصاص وألعاب ناريه .. تكبيرات الصلاة تعلو من المسجد ...سيارة نقل كبيرة تعدو من وسط الشارع...يتوقف الاطفال عن اللعب ..تشرع الفتاة من النافذة .. يعود الصبي مرة اخرى يركض خلف الكرة ..و الليل بدأ يسكن الشارع ..والأطفال يلعبون الكرة ..يسقط الصبي مترنحا على الأرض ..يركض الاطفال نحوه .. دماء تتدفق من جسده..تصيح الفتاة من النافذة موولولة ..يسمع الناس صراخها.

تتسارع الخطوات إلى الصبي ..الكل أنظارهم تتجه إليه... تخرج الأم تسارع الخطى.. من أقصى بيتها ...تنصب على الصبي ..تصرخ وتدوي ...وهي تحمل الصبي بين ذراعها تضمه إلى حضنها ...وهو جثة صامتة ... يخرج الرجال من المسجد ..ويهرع الجيران فزعا .....الكل ينظر إلى الصبي ........الأم تندب وتصرخ ..قال احدهم ماذا حدث ؟

يأتي الجواب من جموع الناس..رصاصة طائشة... رصاصة طائشة..رصاصة طائشة
اسبل الليل دموع ..
مودع النهار حزنا ..

فعاد الصمت سكون في الفضاء .