آخر تحديث :الجمعة - 08 نوفمبر 2024 - 10:58 م

كتابات


كيف استطاع نظام صنعاء إلغاء الشراكة واعادة انتاج نفسه تحت غطاء الوحدة اليمنية (2)

الأربعاء - 29 مايو 2024 - 05:52 م بتوقيت عدن

كيف استطاع نظام صنعاء إلغاء الشراكة واعادة انتاج نفسه تحت غطاء الوحدة اليمنية (2)

كتب /م. مسعود أحمد زين.

الجـــزء الثاني



5)) مثلت انتخابات ابريل 1993 النيابية النتيجة الصدمة بالنسبة للشريك الجنوبي والنتيجة التي عمل عليها بحرص ونية مبيته من قبل نظام صنعاء، حيث تم تقزيم الشريك الجنوبي ب 56 مقعد فقط اثنان منها فقط من مناطق العربية اليمنية ؤالبقية من مناطق الجنوب مقابل 185 مقعد لحزب المؤتمر وجناحه الديني المنبثق منه حزب الإصلاح

وبقية المقاعد موزعه بين مقاعد فردية لبعض الاحزاب الصغيرة وللمستقلين الذين معظمهم يميلون لنظام صنعاء.

و بموجب هذه النتائج تقلص حجم الشريك الجنوبي في الحكومة الي اقل من النصف وشعر بحجم الخسارة التي لحقت به بسبب الرهان على حسابات سياسية خارج حدود الرهان على الارض التي كان يحكمها.

ان هذه النتيجة كانت بمثابة شهادة استفتاء شعبي متكامل في أن مشروع الوحدة حتى تلك اللحظة كان مجرد حلم لطرف وبعيد عن الواقع وبالمقابل كان مجرد تغطية سياسية ونفاق سياسي بالنسبة لنظام صنعاء..

حيث أكد هذا الفرز في عدد واماكن المقاعد التي حصل عليها كل طرف بان الجنوب مازال جنوب مستقلا بذاته والشمال شمال فقط ولاغير .

6)) لهذا السبب ذهبت العلاقة بين شريكي الوحدة الي التعقيد وتم محاولة تصحيح هذا الخلل بتنظيم حوارات عامة بهدف سحب استئثار اي طرف بدولة الوحدة وخلق منظومة جديدة للحكم في الدولة قائمة على اساس الفكرة الاتحادية من مجموعة من المخاليف المتساوية بالحقوق وتبلورت هذه الرؤية في وثيقة العهد والاتفاق التي تم توقيعها في بداية عام ١٩٩٤ بالأردن وهي اذا كان تم تنفيذها سوف تسحب البساط من تحت الجميع وبالذات نظام عفاش الذي خطط لان يصل المسار السياسي والعسكري لدولة الوحدة الي ما وصل إليه بعد انتخابات ١٩٩٣.

لذلك بادر نظام صنعاء لتفجير الأوضاع عسكريا في نفس يوم الانتخابات النيابية قبل عام بالضبط في ٢٧ ابريل ١٩٩٤ ليوجه ضربة عسكرية للشريك الجنوبي بعد ان وجه له ضربة سياسية قاتلة في نفس اليوم ٢٧ ابريل ١٩٩٣

وانتهت الحرب في ٧ يوليو ١٩٩٤ بالهزيمة العسكرية للشريك الجنوبي ( الذي فرط بالضمانات العسكرية للتحكم بمداخل صنعاء ولم يفرط نظام عفاش بذلك حول العاصمة عدن)

وجاءت هذه الهزيمة العسكرية بعد عام فقط من الهزيمة السياسية في ٢٧ ابريل ١٩٩٣.

واسدل الستار فعليا على الشراكة الندية في مشروع دولة الوحدة ودخلت الدولة بعد حرب ١٩٩٤ مرحلة جديدة استخدم فيها شعار الوحدة بشكل منافق وعالي جدا من قبل الطرف المنتصر نظام عفاش بينما ما كان يجري على الارض هو تثبيت وتكريس نظام الجمهورية العربية اليمنية تحت غطاء الجمهورية اليمنية يترافق ذلك مع عملية تجريف مستمرة لنظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على مستوى مؤسسات الدولة والجيش والامن والقضاء والسلك الدبلوماسي وكافة الوظائف الحكومية وكل ما له علاقة بالشريك الجنوبي في الوحدة أرضا وانسان.

7)) افرزت حرب ١٩٩٤ نتائج واضحة بانتصار جيش الجمهورية العربية اليمنية وقيادته السياسية على جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقيادته السياسية..

لقد كانت حرب واضحة بين دولتين وجيشين ولم تكن مجرد حرب داخلية في إطار دولة الوحدة. وذلك من خلال الشواهد التالية :

أ) قاتلت كل الوحدات العسكرية والأمنية النظامية للجمهورية العربية اليمنية دون استثناء والتي دخلت في مشروع الوحدة ١٩٩٠ وذلك في معسكر واحد ضد جيش وأمن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ونفس الموقف كان على مستوى الطرف المقابل بالحرب ولم يسجل خلال فترة الحرب التي استمرت لشهرين ونيف اي انحياز ولو لكتيبة او سرية واحدة للقوات النظامية لاي من الطرفين للقتال مع الطرف الآخر تحت مبداء الانتصار لدولة الوحدة على حساب الانتصار لنظام صنعاء او نظام عدن اللذين وقعا اتفاق وحدة ١٩٩٠.

ب) بإستثناء بعض المواقف القليلةالمعارضة في الجنوب التي ساندت نظام صنعاء تحت دافع الثأر من صراعات داخلية سابقة وليس تحت دافع تثبيت دولة الوحدة... بإستثناء ذلك لم تسجل الحرب اي مواقف مماثلة في ج ع ي ولم تطلق طلقة رصاص واحدة ضد جيش نظام عفاش ولو من باب التضامن الرمزي مع شريك الوحدة الجنوبي... بإستثناء بعض المواقف السياسية الفردية دون صفة جمعية لقلة قليلة جدا من الشخصيات السياسية.

ج) ينطبق هذا الفرز بالمواقف على المؤسسات الاعلامية والصحفية ومؤسسات الاتصالات الداخلية والخارجية للطرفين إذ عمل كل فريق حتى اللحظة الأخيرة للحرب في صف دولته ونظامه الذي كان قبل قيام الوحدة في مايو ١٩٩٠ ودون اي انحياز وحدوي مع الطرف الآخر.



وعليه لم تكن حرب ١٩٩٤ حرب تثبيت الوحدة اليمنية بقدرما كانت حرب واضحة بين دولتين ( بفرز مؤسساتي كامل) فشلتا في الاتحاد فيما بينهما وكانت نتيجة هذه الحرب انتصار نظام الجمهورية العربية اليمنية (وليس نظام دولة الوحدة) على نظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

ولقد بينت ممارسات الطرف المنتصر في ادارة الدولة بعد الحرب على صحة هذا التقييم وبشواهد كثيرة سنذكر بعضها.



8)) بعد الانتصار السياسي لنظام العربية اليمنية من خلال قانون الانتخابات 1992 و نتائجه المترتبة عليه في انتخابات 27 ابريل 1993، وبعد الانتصار العسكري لجيش العربية اليمنية في حرب صيف 1994 بادر الطرف المنتصر لاكمال هذا الانتصار بخطوة دستورية وذلك بالغاء اهم مادة في دستور دولة الوحدة التي ضمنت المشاركة الجماعية لطرفي الوحدة للسلطة السياسية العليا للدولة من خلال مجلس الرئاسة. حيث تم تعديل الدستور بعد الحرب مباشرة في 1994 بالغاء مجلس الرئاسة وحصرها في شخص رئيس الجمهورية فقط الذي كان بالاساس هو رئيس العربية اليمنية وابعاد الشريك الجنوبي تماما من رئاسة الدولة و استحداث منصب فخري فقط باسم نائب الرئيس يختاره رئيس الجمهورية ولا ينتخب من مجلس النواب وليس لهذا النائب اي قوة قانونية او مهام دستورية واضحة وهو أقرب للمبعوث الشخصي للرئيس من حيث الوظيفة اكثر مما هو الرجل الثاني في الدولة.

وبهذا التعديل الدستوري كرست العربية اليمنية نفسها كنظام بديل للجمهورية اليمنية:

# من خلال الخطوة السياسية في قانون انتخاب السلطة التشريعية للدول 1992 و تنفيذه في انتخابات 1993،

# ومن خلال الخطوة العسكرية في حرب 1994 بهزيمة وتفكيك جيش وأمن ج ي د ش وسحب المتبقي من اسلحته الاستراتيجية والطيران الحربي من مواقعه بالجنوب الي صنعاء

# واخيرا من خلال الخطوة الدستورية بالغاء المادة المنظمة للسلطة السياسية في دستور دولة الوحدة وتكريس الحكم الرئاسي فقط لشخص رئيس العربية اليمنية.



في الجرء الاخير سنوضح شواهد اخرى ونبين في خلاصة كيف كانت الوحدة مجرد فخ سياسي للجنوب اكثر منها مشروع وطني وحدوي للجميع.

يتبع....