آخر تحديث :الثلاثاء - 08 يوليو 2025 - 04:58 م

كتابات


الرئيس العليمي وحسابات الحسم بين التنفيذ والتراجع!

الإثنين - 12 مايو 2025 - 07:20 م بتوقيت عدن

الرئيس العليمي وحسابات الحسم بين التنفيذ والتراجع!

كتب / منصور الصبيحي

من أهم الوعود التي أطلقها الرئيس العليمي، على هامش اجتمات ولقاءات أخذ يجنّدها في الأونه الأخيرة لمناقشة الاستعداد للمعركة ضد الحوثيين بالتزامن مع تصعيد الأمريكان هجماتهم عليهم: بأن العام هذا ٢٠٢٥ هو عام الحسم وتوقيت الانطلاق عامل مهم لتحقيق النصر.. وهذا لو حسبناهُ وفقًا للمجريات على الأرض، كلام يمز الرأس ويعد من صميم الشعور بالمسؤولية تجاه قضية باتت تؤرّق الجميع، لكن ما نخشاه من الرجل من بعد توقّف ترامب عن عملياته، يعاود من جديد لنفس الاسطوانة المشروخة، فيُرخي مزة خطابه قليلًا مسترسلًا إياه بلسان رايق قابل للطرق والسحب : وإذا لم تستجب المليشيات الحوثية لمطلب السلام فكل الخيارات مطروحة على الطاولة.

حالة كالحالة اليمنية معصودة ومعصلجة لآخر عصلجة لا يعرف أولها من آخرها ولا باطنها من ظاهرها، إلّا من له اليد الطولى في حياكة وترتيب خيوط مؤامرتها، وكما يقال بالمثل الشعبي (لا يفهم رطنها إلّا ولد بطنها) وترامب وقد علق هذه المرة في أمر الحوثيين بقوة متجاوزًا أسلافه الديمقراطيون، كما لو كان بين أمرين، يإمّا في حل عنها وأعمش لم يتشرّب تشربٍ كافٍ عقد الصراعات اليمنية وخلفياتها السياسية، أو هو على قول المثل الصري عارف منين تأكل الكتف ويضغط للمقايضة بملفات أخرى.


فالمؤكّد بأنّ مسألة دخول طرف يعمل على الإخلال بالتوازنات التي فرضته حرب عقد من الزمان، أمرًا يثير حنق السعودية ويقلقها، وذلك لتعارضه مع خطة دخولها معتركها، وهدفت من خلالها كمرحلة أولى لترسيم الخارطة السياسية وفق تموضع الطرفين الرئيسين على الأرض، من جانب تضمن بها ضغط الإخوان إلى حدود لا يسمح لهم عندها تكرار مشهد ٢٠١١، ومن جانب آخر يتيح لها الإمساك بطرفي نقيض لتميّع مكتسبات مدنية لليمنين تراها من وجهة نظرها مهددة لأمنها واستقرارها وسيادتها، وبالفعل عن طريق تقمّص أدوار متعاكسة تقع بين الخصم وإلى الوسيط، نجحت إلى حدٍ بعيد في تحقيق مبتغاها، سوى أنه دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفنُ.


فمن أسوأ الاحتمالات التي لم تتوقعها واصبحت تستعد لها عن قرب، تدهور الوضع في غزة وامتداد رقعة الصراع مع إسرائيل ليشمل أجزاء من اليمن، يعززها بروز رئيس أمريكي متقلّب المزاج ومتفلّت لا يتصرف بمنطق العرف المتبع أسوة بإقرانه السابقين من الرؤساء، ليذهب يبالغ ويهاجم الحوثيين بلا هوادة، بما لو استمر بنفس الوتيرة سيكسب الصراع نمطًا مختلفًا عمّا عُرف به من بعد ٢٠١٥م، يهمّش مواقف ويدعم أخرى منافسة ويزيد من فرص نجاحها.


فكوننا وقد أصبحنا أمام اتفاقية صكّت حيثياتها عن طريق الهاتف المرئي في ليل أظلم، وبضمان عدم تعرّض الحوثيين للملاحة الدولية مقابل توقيف الهجمات عليهم، وكما يفهم من سياقها عن سبب عدم تحريرها كتابيًا وبهذا الشكل، ليس لنفاذ مخزون الورق ولكن تفادٍ للإحراج وبالوقوع في جدلية استيعابها السفن التي تنقل النفط من الموانئ اليمنية وإلى العالم، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى عملًا كهذا سيعد بمثابة تنازل أو بالأحرى تمييع لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية ووضعهم فيه ترامب نفسه، بما سيعتبروه نصرًا يفتح شهيتهم على انتصارات أخرى.


وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه وأصبح يدور في مخيلة العديد من الناس: عن موقف العليمي وتعهّده بحسم المعركة عسكريًا هذا العام، وهل فعلًا مخلص النوايا ورسم هدفه وفق حسابات دقيقة تأهله للقيام بهذا الدور، أم أرادها في وقتها مجرد إثاره وزوبعة إعلامية يرهب بها الحوثيين للجنوح لطاولة حوار السلام الجاد استنادًا لسردية ترامب بتحييد قدراتهم؟.


فعمل من قبيل التراجع أو التسويف لكونه صادر من رئيس دولة يعد مسألة محزنة ومخجلة تثير الشكوك والامتعاض، ولن يقتصر الموضوع بعدها على حدود إرخى مزة الرأس فحسب؛ وإنّما سيتدرّج الأمر إلى الأسفل ثم الأسفل حتى الإفلات بالكامل، وليترك البلد بعدها رهين محبسي الإدلوجيات الدينية المتعصبة يتصرًف فيه عامل المصالح والزمن، والذي من المرجّح أن يمثّل فيه الحوثيين نسبة لما اكتسبوه من قراءة متقنة عمّا يدور حولهم من أحدث وقضايا يحسنوا استغلالها، وخبرة في التلاعب بعقول البسطاء، يضاف إليها الأهم وهو تعقيدات الواقع اليمني النفسي والاجتماعي، والذي بالإمكان يتصالح مع أي شيء إلّا الشرف وما يكسر الظهر، رقم صعب يتجاوز العمق المتوقع منهم الوصول إليه بكثير.