لا يُعدّ تنظيم كأس العالم لكرة القدم أمراً سهلاً، لكن عندما يكون المضيف هو دونالد ترمب، تصبح المهمة أكثر تعقيداً.
في غضون ستة أشهر فقط، ستستضيف الولايات المتحدة إلى جانب المكسيك وكندا البطولة الأهم في كرة القدم.
إلا أن الرئيس الأميركي المثير للجدل أثار غضب جيرانه المشاركين في الاستضافة، وهدد بنقل المباريات، وفرض قيوداً على منح التأشيرات.
من المتوقع أن يتوافد مئات الآلاف من المشجعين الأجانب إلى الدول المضيفة، خصوصاً الولايات المتحدة التي ستحتضن 82 مباراة من أصل 104.
وسيصل هؤلاء إلى بلد يقوده رئيس جعل من سياسات مناهضة الهجرة حجر الزاوية في ولايته الثانية التي اتسمت بمداهمات واسعة النطاق وحملات ترحيل مثيرة للانقسام.
ويواصل ترمب تشديد الإجراءات. فبعد حادثة إطلاق نار نفذها مواطن أفغاني قرب البيت الأبيض وأودت بحياة أحد عناصر الحرس الوطني، أعلن عزمه «تجميد الهجرة بشكل دائم من جميع دول العالم الثالث».
ومنذ يونيو (حزيران) فرضت الولايات المتحدة قيوداً على السفر تشمل 19 دولة، بينها هايتي وإيران المشاركتان في كأس العالم، كما جُمّدت قرارات اللجوء إلى أجل غير مسمى.
وكانت إيران قد هددت بمقاطعة قرعة كأس العالم التي تجرى الجمعة في واشنطن؛ احتجاجاً على رفض منح تأشيرات لعدد من أعضاء وفدها، قبل أن تتراجع عن ذلك لاحقاً.
عادة ما يستغرق الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة أسابيع أو حتى أشهراً، لكن ترمب كشف مؤخراً عن آلية خاصة لتسريع الإجراءات بالنسبة لحاملي تذاكر مباريات كأس العالم.
وسيحظى المشجعون الذين يتابعون منتخباتهم بأولوية في تحديد مواعيد المقابلات القنصلية.
لكن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وجّه تحذيراً للراغبين في حضور البطولة قائلاً: «تذكرتك ليست تأشيرة دخول»، مضيفاً: «هي تضمن لك موعداً سريعاً، لكنك ستخضع لإجراءات التدقيق نفسها».
هدَّد ترمب مراراً بنقل مباريات كأس العالم من مدن عدة تديرها حكومات ديمقراطية بذريعة مخاوف أمنية.
ومن بين المدن المهددة، بوسطن التي تستضيف سبع مباريات، وسان فرانسيسكو وسياتل بست مباريات لكل منهما، ولوس أنجليس التي تحتضن ثماني مباريات.
وسيكون نقل المباريات كابوساً تنظيمياً لـ«فيفا»، فضلاً عن المشجعين الذين حجزوا رحلاتهم وإقامتهم مسبقاً، وقد يواجه أيضاً عقبات قانونية.
فالعقود المبرمة مع المدن المضيفة لا يمكن فسخها إلا في حال وقوع كوارث كبرى مثل الكوارث الطبيعية أو الحروب أو أعمال الشغب، رغم وجود هامش أكبر لإعادة جدولة مباريات محدّدة.
ويزيد من حالة عدم اليقين أن ترمب نشر قوات الحرس الوطني في الكثير من هذه المدن الديمقراطية هذا العام رغم اعتراض السلطات المحلية؛ بحجة مكافحة الجريمة والنشاطات اليسارية.
كما أثارت مداهمات نفذتها سلطات الهجرة في مدن مثل لوس أنجليس، حيث تعهد ترمب بملاحقة المهاجرين غير النظاميين، توتراً وخلقت مناخاً من الخوف، خصوصاً بين المجتمعات اللاتينية.
ومن المرجح أن تستمر عمليات نشر القوات والمداهمات حتى موعد البطولة وربما خلالها.
اتسمت سياسة ترمب الخارجية بتعامله العدائي مع الحلفاء والخصوم على حد سواء، ولم تمنح استضافة كأس العالم مع الولايات المتحدة أي امتيازات لكندا والمكسيك.
فقد فرض ترمب رسوماً جمركية مرتفعة على بعض المنتجات من البلدين.
هدَّد بضم كندا، ولم يستبعد شن ضربات جوية على المكسيك في إطار حملته ضد عصابات المخدرات.
هذه التوترات ستفاقم التحديات التنظيمية التي تواجه أول نسخة من كأس العالم تُقام في ثلاث دول، وتضم رقماً قياسياً من المنتخبات يبلغ 48 فريقاً.
المصدر / الشرق الأوسط