آخر تحديث :الإثنين - 08 ديسمبر 2025 - 05:23 م

كتابات


استراتيجية عودة دولة الجنوب الفيدرالية الجديدة

الإثنين - 08 ديسمبر 2025 - 04:51 م بتوقيت عدن

استراتيجية عودة دولة الجنوب الفيدرالية الجديدة

كتب/ معاذ فيزان



تشهد الساحة الجنوبية اليوم حراكاً متصاعداً نحو استعادة الدولة الجنوبية الحديثة، ليس كحنينٍ إلى الماضي، بل كضرورة وطنية واقتصادية لخلاص شعبٍ قدّم الكثير ولم ينل أبسط حقوقه في الأمن والخدمات والتنمية. ومع تراكم الأزمات وتعطّل مؤسسات الدولة وتراجع مستوى المعيشة، تبرز “استراتيجية عودة دولة الجنوب الفيدرالية الجديدة” كخيار واقعي، مدروس، وقابل للتحقق على الأرض.


أولاً: مشروع دولة حديثة واقعية وليست شعارات


لم يعد الحديث عن استعادة الدولة مجرد خطاب سياسي أو مزايدة جماهيرية، بل بات برنامجاً عملياً يستند إلى معطيات واضحة:


إرادة شعبية جنوبية واسعة تطالب بدولة مستقرة وقادرة.


مؤسسات جنوبية تتطور تدريجياً في الأمن والإدارة والمالية.


إطار سياسي يمثل الجنوب على المستوى الإقليمي والدولي.


إن الدولة المنشودة ليست نسخة من الماضي، بل دولة فيدرالية حديثة تعتمد توزيع السلطات والموارد، وتتيح لكل محافظة إدارة شؤونها بما يعزز المشاركة والشفافية.


ثانياً: الاقتصاد… عصب الاستقرار وبوابة المستقبل


يرتكز المشروع الجنوبي على رؤية اقتصادية شاملة تستوعب الموارد الهائلة التي يمتلكها الجنوب:


ثروات النفط والغاز في حضرموت وشبوة.


موانئ دولية في عدن والمكلا وسقطرى.


موقع جغرافي استراتيجي على أهم خطوط التجارة العالمية.


تشير المؤشرات الواقعية إلى أن الجنوب قادر على بناء اقتصاد متنوع، يقوم على:


1. تحرير الموارد من العبث والنهب الحالي.


2. إعادة هيكلة القطاع النفطي والإنشائي والمصرفي.


3. تشجيع الاستثمار المحلي والخارجي بعقود شفافة وآمنة.


4. إحياء المشاريع المتعثرة وتطوير البنية التحتية الخدمية.


هذه الخطوات كفيلة بتحويل الجنوب من منطقة صراع إلى مركز اقتصادي إقليمي قادر على المنافسة.


ثالثاً: الخدمات… أساس الثقة بين الشعب والدولة


لا يمكن بناء دولة دون خدمات، ولا يمكن كسب ثقة المواطن دون تحسين واقعه اليومي.

وتعتمد استراتيجية الدولة الجنوبية الجديدة على:


إصلاح قطاع الكهرباء وتوفير منظومة إنتاج وتوزيع مستقرة.


رفع كفاءة المياه والصرف الصحي وإعادة تأهيل الشبكات.


تطوير المستشفيات الحكومية وضبط آلية الدواء.


تحديث التعليم وربط مخرجاته بسوق العمل.


تحسين شبكة الطرق والمواصلات وإعادة إعمار ما دمرته الحروب.


هذه ليست أحلاماً، بل هي متطلبات أساسية وواقعية يمكن تنفيذها بوجود إدارة رشيدة وإرادة سياسية واضحة.


رابعاً: الأمن… أساس أي تحول سياسي


إن نجاح مشروع الدولة الفيدرالية الجنوبية يتطلب وجود قوة أمنية وعسكرية موحدة، محترفة، ومضبوطة.

وتتركز الرؤية على:


دمج وتوحيد القوات الجنوبية تحت قيادة وطنية واحدة.


تأمين المنافذ البرية والبحرية والجوية.


مكافحة الإرهاب والتهريب ودعم الاستقرار المجتمعي.


تعزيز سلطة القانون واستقلال القضاء.


الأمن ليس غاية بحد ذاته، بل هو الضمانة الأولى لنجاح التنمية الاقتصادية والخدمية.


خامساً: الشراكة الإقليمية والدولية


يعتمد جنوب الغد على سياسة خارجية متوازنة تحترم المصالح المشتركة مع دول الإقليم والعالم، خصوصاً فيما يتعلق بالطاقة والممرات البحرية.

وتسعى الدولة الفيدرالية الجنوبية إلى بناء علاقات قائمة على:


الاحترام المتبادل.


الاستقرار الإقليمي.


التعاون الاقتصادي والأمني.


هذه الدبلوماسية جزء من استراتيجية “العودة”، وليست مجرد ملحق سياسي.


ختاماً: الجنوب بين الفرصة والتاريخ


اليوم يقف الجنوب أمام فرصة تاريخية:

إما أن يبقى أسيراً لفوضى المراحل الانتقالية، أو يتجه بجرأة نحو بناء دولة حديثة تستند إلى الفيدرالية، والاقتصاد، والخدمات، والأمن، والشراكة الإقليمية.


إن “استراتيجية عودة دولة الجنوب الفيدرالية الجديدة” ليست مجرد عنوان، بل مشروع حياة يتطلع إليه الملايين، وطريق لبناء جنوب قوي، عادل، مزدهر، وقادر على تأمين مستقبل أجياله.