آخر تحديث :الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - 04:34 م

اخبار وتقارير


قراءة مقارنة لتحرير وادي حضرموت وتجارب الحركات الاستقلالية في إطار القانون الدولي

الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - 02:31 م بتوقيت عدن

قراءة مقارنة لتحرير وادي حضرموت وتجارب الحركات الاستقلالية في إطار القانون الدولي

قراءة / البروفيسور توفيق جزوليت

عرف التاريخ المعاصر عدداً من الحركات التحررية التي تمكنت من تحقيق استقلالها بعد تثبيت وجودها العسكري والإداري على الأرض، وانتقلت من موقع “الحركة التحررية ” إلى “سلطة الأمر الواقع”، ثم إلى الدولة المعترف بها دولياً.


ضمن هذا السياق فإن تحرير وادي حضرموت يشكل نقطة تحول في مسار استعادة الدولة الجنوبية… وفقاً للسوابق التاريخية ومنظور القانون الدولي تمكنت الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا من السيطرة على كامل الإقليم عام 1991، مما دفع المجتمع الدولي إلى القبول بواقع “سلطة الأمر الواقع”، تلاه تنظيم استفتاء عام 1993 أثمر اعترافاً دولياً واسعاً.

بالنسبة لجنوب السودان أحكم الجيش الشعبي سيطرته على معظم أراضي الجنوب، ما جعل أدى إلى اتفاق نيفاشا العام 2005) ثم او اصبح عضوا في الأمم المتحدة عام 2011…بالنسبة لكوسوفو أدت السيطرة على الأرض إلى التدخل الدولي على تثبيت استقلال كوسوفو عام 2008


تحرير وادي حضرموت تحوّل جوهري في موازين القوى داخل الجنوب، ويمهّد لمرحلة جديدة تتعزز فيها قدرة الجنوبيين على صياغة مشروعهم السياسي على أسس أكثر واقعية. فتحرير وادي حضرموت يعني تكريس سلطة فعلية على الجنوبDe Facto Authority)


في السياق التاريخيّ للجنوب باعتباره كان دولة قائمة الذات قبل الوحدة الاندماجية و التي تمُ ضمها بالقوة بعدالإخلال بالشراكة الأساسية، كما حصل في حرب 1994، فإن القانون الدولي يفتح باب "عودة الدولة السابقة”.

State Reversion )

لأنه يفترض أن أساس الاندماج لم يعد قائماً قانونياً.

و من هذا المنطلق يجب التمييز بين “الانفصال” و”العودة” ..الانفصال (Secession): إنشاء دولة جديدة من العدم.

• العودة أو الارتداد (Reversion): استعادة دولة كانت قائمة، ثم توقفت مؤقتاً بسبب اتحاد لم يستمر بشروطه القانونية…الحالة الجنوبية أقرب بكثير للعودة وليس للانفصال، لأن الجنوب لم يكن كياناً تابعاً بل دولة مستقلة.و دخل الوحدة اختيارياً وفق اتفاق سياسي محدد.و تعرضت تلك الوحدة لنسف أحادي عبر استخدام القوة.


هناك حالات تعتبر نماذج قريبة، لسوابق قانونية منها: سنغافورة عند خروجها من الاتحاد الماليزي (عودة لسيادة سابقة)…و جمهوريات البلطيق بعد انهيار الاتحاد السوفيتي (عودة للدولة السابقة)…وإريتريا التي استعادة وضعها القانوني بعد انهيار العلاقة الاندماجية مع إثيوبيا. كلها تؤكد أن القانون الدولي يقبل مبدأ “استعادة الدولة” عندما تتوفر شروطه


استعادة الدولة ليست انفصالاً، بل عودة لكيان دولي سابق ..وبالتالي، من منظور القانون الدولي تفوق الجنوب ميدانياً يقترب من تلبية هذه الشروط ..لكون التجارب التحررية العالمية تؤكد أن الاستقلال غالباً ما بنطلق من السيطرة المستقرة على الأرض، يليها تثبيت شرعية سياسية وقانونية ثم اعتراف دولي تدريجي. وفي ضوء تحرير وادي حضرموت،


القضية الجنوبية أمام لحظة مفصلية تجمع بين التراكم القانوني والتقدم الميداني. وإذا استكمل الجنوب بناء مؤسساته وتحصين جبهته الداخلية، فإن استعادة الدولة لن تكون مجرد مطلب سياسي، بل مساراً واقعياً منسجماً مع مبادئ القانون الدولي ودروس التاريخ المعاصر