صرف العملات
مجتمع مدني
كتابات
فريق التحرير
من نحن
إتصل بنا
الرئيسية
اخبار عدن
أخبار وتقارير
تحقيقات وحوارات
منوعات
محافظات
عرب وعالم
إجتماعيات
قضايا
رياضة
ثقافة
صرف العملات
مجتمع مدني
كتابات
فريق التحرير
من نحن
إتصل بنا
آخر تحديث :
الأحد - 21 ديسمبر 2025 - 10:33 ص
اخبار عدن
19 يناير.. ذكرى الاستعمار البريطاني لمدينة عـدن وتاريخ مقاومة شعب
الثلاثاء - 19 يناير 2016 - 04:18 م بتوقيت عدن
سامي عبدالعزيز
تابعونا على
تابعونا على
ظلت مدينة عـدن محط أنظار كثير من الدول الطامعة في إرساء قواعد لها على البحر الأحمر والخليج العربي، ومنها السيطرة على المحيط الهندي لما لهذا من فائدة قصوى على سبيل السيطرة الاقتصادية والسياسية في تلك المنطقة الحيوية على مستوى العالم.
وتمتلك عدن مقومات مهمة تجعلها عرضة لعمليات القرصنة الاستعمارية..،
وقد توالت على عـدن الكثير من القوات الطامعة والكثير من الدول المستعمرة..، وكان من أهم تلك الدول هي الدولة التي لا تغيب عنها الشمس (بريطانيا) قامت بريطانيا ببعض المقدمات لاحتلال عدن فأرسلت في بداية الأمر الكابتن هينز أحد ضباط البحرية إلى منطقة خليج عدن في عام 1835م وذلك لمعرفة مدى صلاحية المنطقة لتكون قاعدة بحرية ومستودعا للسفن البريطانية.
وقد أشار الكابتن هينز في تقريره إلى ضرورة احتلال عدن لأهميتها الإستراتيجية، كان لأبد للانجليز من عدن يبررون له احتلالهم لعدن وقد ساقت لهم الصدف حادثة استغلوها استغلالا جما ففي عام 1873م جنحت سفينة هندية هــي:ــ
(سفينة داريا دولت) ترفع العلم البريطاني بالقرب من ساحل عدن وادعا الانجليز ان سكان عدن هاجموا السفينة ونهبوا بعض حمولتها وان ابن سلطان لحج وعدن كان من المحرضين على نهب السفينة.
وهنا كان لابد للانجليز من استغلال هذه مضى حوالي شهر من وقعها عندما زادت أهميته بريطانيا للسيطرة على البحر الأحمر وجعل عدن كمحطة تعمل على تمويل سفنه بالوقود وجعلها قاعدة عسكرية تهيمن على المنطقة العربية ككل فنلاحظ عندئذ أن (كوماندرهينز) قائد السفينة (بالينورس) في البحر الأحمر كتب إلى (سيرتشارلز مالكولم) مدير البحرية الهندية في 6يوليو1837م كتب إليه التقرير التالي (يشرفني ان أعلمكم انه لدى وجودي في عدن خلال شهر ابريل تبينت أن البضاعة التي تمت استعادتها من السفينة المحطمة (دريادولت) التي تحمل العلم الانكليزي والعائدة إلى مدارس كانت مطروحة في السوق بأقل من ثلث قيمتها).
وهنا بعد هذه الرسالة التي كتبها (كوماندر هينز) تحقق لنا مدى نوايا الانجليز في الاستيلاء على عدن وتتطور الأمور وترسل الحكومة البريطانية الكابتن هينز لإجراء مفاوضات مع سلطان لحج ولكنها باءت بالفشل بعد محاولة سلطان لحج إعاده البضائع المسروقة ودفع قيمته ما تلف أو باع منها إلا ان هينز لما يوافق لأن بريطانيا كانت تريد عدن نفسها.
وفي عام 1983م نفسه أعدت حكومة الهند البريطانيا الإجراءات للاستيلاء على عدن وقامت ببعض المناوشات بين العرب في عدن وبعض جنود السفن البريطانية المسلحة التي رابطت بالقرب من ساحل عدن انتظارا لوصول السفن الباقية والتي تحمل ثلاثة أيام.
في 19 يناير 1839م قصفت مدفعية الأسطول البريطاني مدينة عدن ولم يستطع الأهالي الصمود أمام النيران الكثيفة وسقطت عدن في أيدي الانجليز بعد معركة غير متكافئة بين أسطول وقوات الإمبراطورية البريطانية من جانب وقوات قبلية العبدلي من جانب أخر.
بدأت انجلترا عشية احتلالها لعدن في تنفيذ سياسة التهدئة في المنطقة حتى تضمن استقرار الأمور في عدن بما يحقق مصالحها الإستراتيجية والتجارية والبحرية فعقدت مع سلطان لحج معاهدة للصداقة ومنحته راتبا سنويا إلا ان هذا لم يجد نفعا ان حاول سلطان لحج استعادة عدن ثلاث مرات في عامي 1840و1841م الا ان تلك المحاولات لم تنجح للفارق الهائل في تسليح القوتين .
سياسة هينز في دولة الجنوب..
كانت سياسة هينز المقيم السياسي في عدن مبنية على قاعدة فرق تسد لأن الحكومة في بومباي لم تشاء حينذاك ان تمده بما يحتاج إليه من الجنود لحماية عدن فإذا ثارت إحدى القبائل على الانجليز كان الحاكم البريطاني يثير قبيلة أخرى عليها.
وقد جاء في كتاب أرسلته شركة الهند الشرقية البريطانيا إلى الكابتن هينز المقيم في عدن جاء فيها مايلي (حرض القبيلة الموالية على القبيلة المعادية فلا تحتاج إلى قوات بريطانية وأنه وان كان يهدر الدماء مما يؤسف له، فمثل هذه السياسة تفيد الانجليز في عدن لأنها توسع الثلمة بين القبائل)
حاكم مستعمرة عدن عام 1955م..
كما استغل الكابتن هينز اليهود في المنطقة حتى يكونون عيونا له على العرب علما بأنه كان في عدن ما يقارب 180 يهوديا (هاجروا إليها من دولة المملكة المتوكلية اليمنية) ويعترف هينز بأن أحسن من ينتقل الأنباء إليهم هم اليهود لما عرف عنهم وهو قد وظفهم لحسابه وهؤلاء اليهود قد وافوا الكابتن هينز بكل صغيرة وكبيرة في البلاد أكمل ومن ضمنها عدن لحج مقابل مبالغ تافهة.
أبعاد السياسة البريطانية في المنطقة..
لم يكن الاستيلاء على عدن هو غاية ما تبغيه بريطانيا في المنطقة، وإنما كان هذا الاستيلاء بمثابة نقطة للتوسع وبداية الانطلاق لتأكيد النفوذ البريطاني في الجنوب العربي والبحر الأحمر وعلى الساحل الشرقي الإفريقي وكذلك لأبعاد أي ظل لقوى أخرى ما حقق لها سيطرتها على كل هذه الأنحاء.
وقد لجأت بريطانيا إلى تطبيق مبدأ المرونة في السياسة ولهذه القاعدة مظاهر شتى أولها المعاهدات الولائيه مع شيوخ المنطقة ثم دفع الرواتب الشهرية أو السنوية ومنح الألقاب والنياشين ومنح الهدايا الموسمي لهؤلاء الشيوخ والسلاطين والتدخل في السياسة المحلية عند تعيين الحكام والتحزب لبيت طامع في الملك إلى بيت مالك أو عكس ذلك وأخيرا المحافظة على استقلال كل سلطان وشيخ عملا برغبتهم وبمصلحه بريطانيا.
وكان هذا هو دور الولاء والعطاء واتخذت العلاقات طابعا واحدا بين بريطانيا والقبائل المجاورة لعدن أي تلك المعاهدات الولائيه المتشابهة أو معاهدات الصداقة كما تحلو لبريطانيا ان تسميها إلا انه منذ الغزو العثماني الثالث لليمن في القرن التاسع عشر أصبح النفوذ البريطاني مهددا تهديدا خطيرا وبدا واضحا أهميته الانتقال من دور المعاهدات إلى دور جديد يؤمن النفوذ البريطاني ويدعم بقائه وهنا تفتق الذهن الاستعماري عن الحماية التي عقدت مع الشيوخ العرب بمعاهدات بينهم وبين الحكومة البريطانية وأصبحت بلادهم بموجبها تحث الحماية البريطانية ولم يكن القصد بطبيعة الحال حماية من الأتراك بل كان عقد معاهدات الحماية أساسا للدفاع عن عدن وتقديرا لهذه النقطة الإستراتيجية الحاكمة بين الشرق والغرب وهكذا انتقلت القبائل العربية في الجنوب العربي من طور الصداقة إلى طور الحماية بهدوء ولمواجهة الموقف الناجم عن التدخل التركي ولهذا تبدو السياسة البريطانية مرنه في تعاملها كما قال.
مقاومة الاحتلال البريطاني..
تمركز البريطانيون في مدينة عدن وكانت تشمل كريتر ومناطق المعلا والتواهي فقط اما خورمكسر فكانت هي الحد الفاصل بين مناطق السلطان العبدلي وبين مدينة عدن التي احتلها الانجليز.
وقد حاول الانجليز ملاحظة السكان العرب بمعالجة الجرمي وتعويض بعض الأسر تعويضا ماليا مما أصابها جراء المعارك كما قاموا من ناحية أخرى ببناء القلاع والحصون لأنهم كانوا يعرفون أنهم لن يستطيعوا البقاء في عدن دون مقاومة.
وكان توقعهم صحيحا فلم يمضي عام واحد على الاحتلال حتى انفجرت المقاومة الجنوبية من جديد فقد زحف إلى عدن حوالي خمسة الألف مقاتل من قبائل لحج وأبين.
ودارت بينهم وبين القوات البريطانية معارك حامية بالقرب من جبل حديد بعدن ولكنهم انهزموا بسبب الضرب الدفعي الشديد الذي واجههم به البريطانيون من البر والبحر وقام الأسطول البريطاني بمحاصرة ساحل أبين ومنع السفن التجارية من الدخول إلى ميناء (شقرة) عقابا للسكان الذين اشتركوا في المقاومة.
ولكن القبائل الجنوبية لم تستسلم بل عادت إلى مناطقها تستعد للمعارك القادمة وقد قطع سلطان لحج الطرق المؤدية إلى عدن وزاد من الضرائب على المنتجات الزراعية التي تذهب إلى عدن حتى يقطع التموين على الانجليز وقد واصلت القبائل هجماتها على عدن عدة مرات لإخراج الانجليز منها ولكنهم كانوا يفشلون أمام القوات البريطانية المدربة تدريبا جيدا وقوتهم البحرية القوية.
ففي إحدى المرات تجمع رجال القبائل في بير احمد وتمركزا هناك ليمكنوا القوافل التي تحمل المنتجات الزراعية إلى عدن فهاجمهم من جنود الاحتلال ودمروا الموقع وتوجهوا إلى الشيخ عثمان ودمروا قلعتها وقد كان للاحتلال البريطاني في عدن ردودا عربية حيث جاء من السعودية واحد من أشراف مكة يدعوا الناس إلى طرد الانجليز.
فتبعته قبائل من عسير وباجل ويام وانظم إليها حوالي ألفين مقاتل من قبائل لحج وأبين والحواشب وغيرها.
فوصلت إلى الشيخ عثمان تم إلى خور مكسر ثم إلى عدن ودارت المعارك الحامية وقد أصيبت بخسائر فادحة بسبب تفوق السلاح البريطاني وانسحبت بقاياها إلى أبين ثم تشتت وقتل زعيمها إسماعيل بن الجسين.
مستعمرة عدن..
وأضحت مستعمرة عدن (بالإنجليزية:
Colony of Aden
) إحدى مستعمرات التاج البريطاني من الفترة 1937 حتى 1963م، تألفت من مدينة عدن الساحلية والمناطق المحيطة بها مباشرة وبلغت مساحاتها 192 كيلومتر مربع (74 ميل مربع).
محمية عدن..
سميت المناطق الداخلية المحيطة بمستعمرة عدن التي كانت منفصلة عن المستعمرة بـ"محمية عدن".
ومع إنشاء محمية عدن، بدأ النفوذ البريطاني يتمدد داخليا، غربا وشرقا على حد سواء. كانت قاربت مساحة محمية عدن الغربية 75 ميلا مربعا والتي تنازل عنها السلطان بن فضل محسن إلى بريطانيا، في حين أن محمية عدن الشرقية تتألف من أراضي المشيخات العربية في حضرموت وجزيرة سقطرى. أصبحت عدن منفذ عبور هام للتجارة بين الهند البريطانية والبحر الأحمر، وعندما تم فتح قناة السويس في 1869، صارت محطة تزويد هامة بالفحم.
في العام 1937، أصبحت عدن منفصلة عن الإمبراطورية البريطانية الهندية، وصارت مستعمرة في حد ذاتها. وظلت مستعمرة للتاج البريطاني من 1937 حتى 1963. وتتألف المستعمرة من ميناء مدينة عدن وضواحيها المباشرة (بمساحة 192 كيلومترا مربعا ما يوافق 75 ميلا مربعا).
قبل 1937، كانت عدن تحكم كجزء من الهند البريطانية. في يونيو 1936 م أعدت وزارة المستعمرات البريطانية مشروعاً للتعليمات التي ستصدر إلى حاكم مستعمرة عدن لعرضه أمام البرلمان ألحقته بمشروع حكومة الهند الذي اعتادت إصداره لعدن والمتضمن القانون المحلي لعدن.
هذا المشروع عرضه وزير المستعمرات وفي يوليو 1936 م، عرض وجاء في خمسة وعشرين بنداً من بينها تغيير تسمية المسئول عن إدارة عدن من كبير المندوبين إلى حاكم مستعمرة عدن وقائدها (بالإنجليزية:
Governor and commander in-chief of the colony of Aden
).
وفي 28 سبتمبر 1936 تم فصل الإقليم عن الهند البريطانية، وتحولت عدن بموجب الأمر الصادر عن ملك بريطانيا جورج السادس إلى مستعمرة وبدأ في سريان هذا الفصل في 1 أبريل 1937، وبموجبه منحت عدن النظام العادي والتشريع المعمول به في المستعمرات البريطانية. وأصبحت ذات حكومة بنمط استعماري مباشر مقصور على الموظفين من أصل إنجليزي. أما ميناؤها فبقي ميناءً حراً للتجارة.
خلال السنوات الأخيرة كمستعمرة، عانت عدن بسبب الاضطرابات المدنية التي شهدتها.
في 18 يناير 1963م، تم دمج مستعمرة عدن مع اتحاد الجنوب العربي.
وبعد استقلال جنوب اليمن عن بريطانيا وفي 30 نوفمبر 1967 أعلنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
قبل أن تصير عدن مستعمرة بحد ذاتها، بلغ عدد سكانها سنة 1931 حوالي 51500 نسمة. أما كمستعمرة، فترة حوالي 18 عاما، فقد شهدت عدن الواقعة تحت إشراف وزارة المستعمرات البريطانية إجراء تعدادين سكانيين في سنتي 1946 و 1955 بلغ سكانها تعداد 80516 نسمة و138441 نسمة على التوالي أي بزيادة فاقت %50.
إدارة المستعمرة..
كانت مدينة عدن مرتبط بشكل أوثق في نسيج الإمبراطورية البريطانية وتطورت بسرعة أكبر من المناطق النائية المحيطة بها". القانون الأساسي لمستعمرة التاج البريطاني عدن هي تلك التي أصدرت من قبل المجلس في 28 سبتمبر 1936 والذي يتبع عادة للقانون الأساسي للمستعمرات البريطانية.
الجدير بالذكر أن قانون الشريعة لم يتم العمل به في مستعمرة عدن. "كل القضايا بما في ذلك تلك التي تتناول الإرث والأحوال الشخصية للمسلمين كانت تتم في المحاكم المدنية العادية في المستعمرة". ونظرا لعدم وجود المحاكم الشرعية في المستعمرة تسبب هذا ببعض المضايقات للسكان المسلمين.
كانت هناك ثلاث هيئات للحكم المحلي في المستعمرة وهي بلدية عدن وتغطي التواهي، المعلا وكريتر. سلطة بلدة الشيخ عثمان وأخيرا بلدية عدن الصغرى التي أنشئت في السنوات الأخيرة بوصفها هيئة مستقلة وتشمل مصفاة لتكرير النفط والعاملين في المستوطنة. كل هذه السلطات كانت تحت السلطة العامة للمجلس التنفيذي والذي بدوره كان يظل موضع مراقبة من قبل الحاكم.
حتى الأول من ديسمبر 1955م، كان المجلس التنفيذي للمستعمرة غير منتخب. تحسن ذلك الوضع قليلا بعد هذا التاريخ حيث تم انتخاب أربعة أعضاء للمجلس [5]. الإدارة القضائية كانت أيضا كليا في أيدي القوات البريطانية "وبالمقارنة مع غيرها من المستعمرات البريطانية، كان التطور نحو الحكم الذاتي ومزيد من المشاركة المحلية بطيئا نوعا ما".
تم توفير التعليم لجميع الأطفال، سواء من البنين والبنات على الأقل حتى المرحلة المتوسطة. اما التعليم العالي فكان متاحاً على أساس انتقائي من خلال المنح الدراسية للخارج. استخدمت اللغة العربية في التعليم في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في حين أن التعليم الثانوي والمدارس المستقلة استخدمت اللغات العربية والإنجليزية، الأردو، الجوجاراتية والعبرية. وكانت هناك أيضا لأولئك الذين يرغبون مدارس تحفيظ القرآن للبنين والبنات ولكن لم يكن معترف بها.
الحركات والنقابات العمالية والمعارضة الداخلية..
شكلت النقابات الأساس الأكبر للاستياء الاجتماعي في عدن. حيث تشكلت أول نقابة لرابطة طيارين ميناء عدن في عام 1952م، وتبعها بسرعة تشكيل نقابتين بحلول نهاية عام 1954. وبحلول 1956 تشكلت معظم النقابات للحرف المتنوعة. حيث اعتقد البريطانيين أن النموذج البريطاني للتجارة والتنمية والنقابات سيتم إتباعه، ولكن في عدن تشابكت مظالم النقابات مع المطالبات القومية والاقتصادية حيث كان من الصعب التفريق بينهما. نتيجة لذلك أصبحت الإضرابات والمظاهرات غالباً ذات دوافع سياسية، وليس لمجرد أسباب اقتصادية بحتة.
الإضرابات في عام 1956 اتسمت بالعديد من الهجمات على جماعات من غير العرب. في مايو 1958 أعلنت حالة الطوارئ في عدن حيث تصاحبت مع عدد من التفجيرات واستمرت حتى القبض على المحرضين الرئيسيين في يوليو. وفي أكتوبر 1958 كان هناك إضراب عام رافقه شغب وفوضى على نطاق واسع وانتهت بترحيل 240 يمنياً من عـدن.
في ذلك الوقت تم تحميل جزءا كبيرا من مسؤولية هذه الاضطرابات على بث إذاعة القاهرة وبتشجيع من جمال عبد الناصر القومي العربي والمناهض للامبريالية. حيث بدأت إذاعة القاهرة في بث النغمات الثورية والقومية العربية. وعثر الرجال الذين عاشوا طويلا في عزلة على لغة سياسية مشتركة وبدأت مشاعر الحرية تنتشر في أنحاء العالم العربي"
في ديسمبر 1963 كان هناك هجوم بقنبلة يدوية من قبل مهاجم مجهول على المفوض السامي الذي لم يصب بأذى ولكن ثلاثة من المارة قتلوا.
قضايا السياسة الخارجية..
كانت عدن تقع في موقع استراتيجي حيوي وعلى طرق الملاحة الرئيسية بين البحر الأحمر والمحيط الهندي في أيام الإمبراطورية البريطانية، قيمة الميناء الرئيسية كانت تكمن في توفير المرافق والاتصالات والتموين بين قناة السويس والهند. حتى بعد استقلال الهند واصلت عدن احتلالها أهميه بالغة وحيوية لشبكة الدفاع البريطانية. بحلول عام 1958 أصبح ميناء عدن ثاني ميناء ازدحاماً في العالم بعد ميناء نيويورك. "أهمية هذا الميناء ليس مبالغاً فيها حيث كانت عدن الأساس الذي يحمي المصالح النفطية البريطانية في الخليج العربي". مصفاة عدن الصغرى لتكرير النفط كانت الأساس لاقتصاد عدن حيث كان بإمكانها تكرير 5 مليون طن من النفط الخام سنويا. وشكلت أهم الصادرات للمستعمرة، لذلك كانت سلامة هذه المصفاة أولوية واضحة لحكومة عدن.
"كانت عدن قاعدة توازن في المنطقة في وقت كان اليمن منقسماً بسبب الحروب الأهلية، والسعودية الحاكمة لم تقدم نفسها بعد كقوة متزنة، والحكومات العراقية والسورية عرضة للثورات في ليلة وضحاها وعلاقة مصر مع كل منهما غير مؤكده".
في وقت لاحق من التاريخ كانت علاقة عدن مع الجمهورية العربية المتحدة محط اهتمام. "تكوين الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 زاد من أهمية عدن كقاعدة عسكرية بريطانية في هذه الزاوية المضطربة من العالم" ولكن حتى قبل تشكيل الجمهورية العربية المتحدة، فقد تزايد في الوعي عن القومية العربية بين الجنوبيين في عدن. " حيث احتج الطلاب في عام 1946 على عدم منح الحكومة عطلة عامة في ذكرى التأسيس السنوية لجامعة الدول العربية".
أخطر مشكلة واجهت حكومة عدن في أواخر الخمسينات والستينات من القرن الماضي كانت بسبب العلاقة مع اليمن الشمالي وهجماتها على طول الحدود. أتباع اليمن للجمهورية العربية المتحدة خلق وضع معقد كما خلق العديد من المشاكل السياسية. إضافة إلى ذلك شكلت الهجرة إلى المستعمرة مصدر قلق كبير لقوى العمل المحلية.
قبل إنشاء الجمهورية العربية المتحدة كان الهدوء يخيم على عدن ليس بسبب الحامية الصغيرة الموجودة هناك ولكن بسبب عدم وجود أقطاب الجذب الرئيسية من العرب المستاءين من الحكم البريطاني.
بعض الكتاب المعاصرين لتلك الفترة مثل إليزابيث مونرو اعتقدوا بأن الوجود البريطاني في عدن وفر مبررا للهزيمة الذاتية لبريطانيا لأنها أعطت المبرر للحرب من قبل القوميين العرب. لذلك لم تكن عدن تمثل عنصر دعم بريطاني لجهود السلام في المنطقة بل كانت في الواقع سبب الكثير من المشاعر المناهضة للبريطانيين في المنطقة.
"وكما هو الحال في الكويت حيث كان كبار السن من الرجال يقدروا الوجود البريطاني كعامل ازدهار كان الشباب من القوميين العرب والحركات النقابية يعتقدوا أنه مذل".
النظام النقدي لعدن..
عندما كانت عدن ملحقة بالهند البريطانية، كانت الروبية الهندية هي عملة عدن وحتى بعد فترة وجيزة من استقلال الهند في عام 1947. في عام 1951، تم استبدال الروبية بالشلن شرق أفريقيا الذي كان على قدم المساواة مع شلن الجنيه الاسترليني. ثم مع ظهور للاتحاد العربي الجنوب، استعمل دينار الجنوب العربي في عام 1965، (صادر عن مؤسسة النقد للجنوب العربي) والذي كان على قدم المساواة مع الجنيه الاسترليني. كان الدينار العربي الجنوب وحدة مقسمة إلى عشرة فلسات.
ولما أصبحت عدن المستقلة هي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 30 نوفمبر 1967 وبقائها خارج الكومنولث البريطاني، استمر دينار الجنوب العربي مستعملا ومكافئا للإسترليني حتى عام 1972. في يونيو 1972، خفض رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث من جانب واحد منطقة الاسترليني لتشمل فقط المملكة المتحدة وجزيرة مان وجزر القنال وايرلندا (وجبل طارق في السنة التالية). ردت دولة الجنوب على الفور بإدخال ضوابط صرف خاصة بعملته لينتهي الارتباط بالمثل بالاسترليني. وكان الجنوب لا يزال مدرجا في القانون البريطاني كجزء من منطقة الاسترليني في الخارج، وكونه على قائمة تمنحه بعض الامتيازات التحكم في الصرف مع المملكة المتحدة حتى عام 1979 عندما ألغت مارغريت تاتشر عن المملكة المتحدة ضوابط الصرف.
دولة الاتحاد ومستعمرة عدن..
لحل كثير من المشاكل المذكورة أعلاه ومواصلة عملية تقرير المصير الذي كان يرافق تفكيك الإمبراطورية البريطانية تم اقترح أن تندمج مستعمرة عدن في اتحاد مع محميات شرق غرب عدن (محمية عدن). كان الأمل من ذلك التقليل من مطالبات العرب بالدعوة إلى الاستقلال التام. كان الهدف من ذلك مواصلة السيطرة البريطانية على الشؤون الخارجية والاستمرار في المحافظة على شركة بريتيش بتروليوم في مصفاة عدن الصغرى.
الفيدرالية كانت أول اقترح من قبل وزراء المستعمرة والمحميات حيث سيكون مفيدا حيث الاقتصاد والعرق والدين واللغة. ولكن هذه الخطوة كانت غير منطقية من وجهة نظر القوميين العرب، لأنها اتخذت قبل الانتخابات الوشيكة، وكانت ضد رغبة العرب في عدن لاسيما النقابات العمالية.
ثمة مشكلة أخرى تمثلت في التفاوت الهائل في التنمية السياسية، في الوقت الذي كانت فيه مستعمرة عدن في نهاية الطريق إلى الحكم الذاتي رأى بعض المعارضين والسياسيين الاندماج مع السلطنات الاستبدادية والمتخلفة هو خطوة في الاتجاه الخطأ.
في 18 يناير 1963 تم دمج مستعمرة عدن مع اتحاد الجنوب العربي. في هذا الاتحاد الجديد حصلت مستعمرة عدن على 24 مقعدا في المجلس الجديد، في حين حصلت كل واحدة من السلطنات الإحدى عشر ستة مقاعد.
تشكيل هذا الاتحاد الجديد تطلب وجود مساعدات مالية وعسكرية من بريطانيا. في 18 يناير 1963 تم إعادة المستعمرة تحت اسم ولاية عدن (بالإنجليزية: State of Aden) ولكن في إطار جديد لاتحاد الجنوب العربي. بعد هذا التغيير وفي 17 يوليو 1963 استقال آخر حاكم لعدن السير تشارلز جونستون.
عانى الاتحاد بعد ذلك الكثير من المشاكل وتم إعلان حالة الطوارئ بعدن في 10 ديسمبر 1963 حتى 30 نوفمبر 1967 يوم استقلال دول الجنوب وإعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية حيث استلمت السلطة الجبهة القومية للتحرير بعد انتصارها الميداني على غريمها التقليدي جبهة تحرير الجنوب المحتل.
الكفاح المسلح والجبهة القومية..
لقد قادت الجبهة القومية لتحرير الجنوب المحتل، الحوار على أساس تبني خيار الكفاح المسلح لطرد المستعمر، وتزامن ذلك مع احتدام صدامات بين القبائل والقوات البريطانية في ردفان، فكان أن احتشدت الجهود صوب هذه الجبهة لتبرز وجودها الوطني في الساحة ولتشغل فجر شرارة الانتفاضة المسلحة في ردفان التي انطلقت من أرضيتها ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م.
إن تصاعد حركة الكفاح المسلح ونجاح ثورة 14 أكتوبر دفعت بالإنجليز إلى قيادة خمس حملات عسكرية تاريخية لاحتواء الوضع المنهار.. فكانت حملتهم الأولى أطلقوا عليها اسم (نت كراكر) بمعنى (كسارة جوز الهند) واستغرقت الفترة (4-31) يناير 1964م اشتركت فيها طائرات (هنتر) و (شاكيلتون) و (بليفيدر) و (ويسكس) وبمجرد أن بدأت إنزالها على الجبال المحيطة بوادي (ربوة) حتى تم التصدي لها بقوة واضطروها للتراجع عن الخطة كاملة.
ثم أعقبوها بالحملة الثانية باسم (رستم) للفترة (1 فبراير-13 أبريل 1964م) وكان هدفها الوصول إلى وادي (تيم) لكنها فشلت وتم قتل خمسة جنود بريطانيين مع قائد سريتهم. فكان رد الفعل البريطاني هو إرسال 8 طائرات هنتر لضرب (حريب) وهدم المنازل وقتل المدنيين مما صعد الأمر من روح المقاومة والكفاح.
وجاءت الحملة الثالثة للفترة (14 أبريل- 11 مايو 1964م) بقيادة (جون كابون) القائد العام للقوات البرية في الشرق الأوسط، وأطلقوا عليها (رد فورس) بقوة لواء كامل، وكان هدفها وادي (تيم) ووادي (ذنبه)، لكنها قوبلت بمقاومة شديدة أفشلت الحملة واضطرت قائدها إلى إلغاء إنزال الكوماندوس.. ولهذا أعقبوها بحملة رابعة (11-23 مايو 1964م) بقيادة (بلاكر) وهدفها جبال (البكري) وفشلت أيضاً في بلوغ أهدافها.
وفي الفترة (24 مايو –23 أغسطس 1964م) انطلت الحملة الخامسة، وكان هدفها جبل (الحورية) واشترك فيها المظليون ودعم جوي كثيف، وكانت بقيادة (بلير) ثم خلفه (بلاكر) لكن مصيرها لم يختلف عن سابقاتها وأسقط الثوار طائرة هيلكوبتر من طراز (آر. أن. ويسكس) وفي موقع آخر تم إعطاب طائرتين من ضمن ثلاثة مخصصة لعملية استيلاء على جبل (ودنا).
وأمام هذه المقاومة الصلبة في ردفان بدا الانهيار والإحباط واضحاً عند البريطانيين مما استدعى الأمر مجيء (دنكن ساندز) وزير الدفاع البريطاني في أوج الطقس الحار إلى جبال ردفان على أمل أن يساعد وجوده في رفع معنويات القوات المحتلة، لكن كان كل شيء يجري على العكس تماماً.
المقاومة الجنوبية الشاملة ضد الاستعمار..
في الوقت الذي كانت قوات الاحتلال تكرس حملاتها على ردفان كانت جبهة الضالع قد بدأت هي أيضاً في كفاحها منذ 24 فبراير 1964م بالهجوم على دوريات السرية (5) من الكتيبة الثانية، ثم تلتها عمليات زرع الألغام في طرق سيارات الجيش التي كانت كثيراً ما تقع في كمائن الثوار.. كما امتد النشاط إلى القيام بعمليات نوعية كإطلاق النيران بكثافة على منزل الضابط السياسي في الضالع، وكذلك ضرب معسكرات الجيش الاتحادي بالرشاشات والبوازيك وقتل عدد من أفراده وتدمير بعض المعدات والثكنات.
وفي عام 1965م بلغ عدد القتلى الإنجليز في هذا العام بالضالع فقط (24) جنديا وضابطا وإصابة ما يزيد عن (113) منهم، وأصبح إلقاء القنابل على جنود الاحتلال مشهدا مألوفا لا تكاد منطقة جنوبية لا تعرفه، وكذلك الحال في زرع الألغام وانفجار العربات البريطانية المختلفة بحيث أن الإنجليز من شدة وضراوة المقاومة التي واجهوها اضطروا في 22/8/1966م إلى إصدار أمر بإغلاق الحدود بين دولة الجنوب ودولة المملكة المتوكلية اليمنية.
ولم تكن مقاومة الريف مقتصرة على الضالع وحدها، بل إنها كانت تشمل جميع مناطق الجنوب بما فيها حضرموت ويافع وحريب والشعيب وبلاد العواذل ودثينة ولحج وغيرها..ونتيجة لهذا الامتداد لحركة الكفاح المسلح أخذت قوات الاحتلال بإنشاء الوحدات الخاصة للتدخل السريع، كذلك قوة للألغام وغيرها. إلا أن كل ذلك لم يوقف من تصعيد المقاومة لعملياتها، وتطوير أساليبها في المواجهة، بحيث أصبحت تستهدف كبار القادة العسكريين ومراكز القيادة العسكرية الحيوية،و المركبات الخاصة بالضباط، كذلك أماكن هبوط الطائرات ومنازل قادة الجيش، وفي كل تلك العمليات كانت المقاومة تقدم الشهداء من خيرة أنبائها وبالمقابل تحصد المئات، بل الآلاف من قوات الاحتلال، وكان كلما مضى زمن كلما كانت رائحة الموت القادم من الريف الجنوبي أشد غزارة، وأقوى بأساً على إرجاف فرائص الغزاة، وتحويل أعمارهم إلى محض زمن لترقب الموت على أرض غريبة، لا تجيد حتى الصلاة الكنائسية قبل إيداع الجثمان بين ثراها..
الكفاح حتى الاستقلال..
مدينة عـدن الباسلة لم تستكن يوما في جوف ليل غاصب، تسمع فيه وقع أقدام المستعمر وهو يجوس الديار فيبطش بهذا ويجور على ذاك ويصاد حرية آخرين.. فقد ظلت عدن ثائرة تناضل لاسترداد حقها من الكرامة من يوم أن اغتصبها الأجنبي.
وإذا ما سكنت يوما فليس أكثر من أن تلعق جراحاتها، وتعيد رص صفوف أبنائها وتتأمل فيما ستقوم به غداً لكسر شوكة الاحتلال وتطهير الأرض من دنسه.
ففي يوم 10 ديسمبر 1963م ألقيت قنبلة في مطار عدن أودت بحياة (جورج هندرسن) مساعد المندوب السامي البريطاني، وجرح إلى جانبه (53) من كبار الموظفين الإنجليز والوزراء الاتحاديين بما فيهم المندوب السامي البريطاني نفسه السير (كنيدي ترافيسكس). ومن يومها دخل الكفاح المسلح في عدن طوراً جديداً ومنظما وخطا خطواته التنفيذية العملية بدء من 6 نوفمبر 1964م بزيارة (انتوني جرينود) ووزير المستعمرات الجديد والذي أزاح المندوب السامي في عدن (كنيدي ترافيسكس) من منصبه، ثم صار يحاول إقناع الوطنيين بالاشتراك في حكومة الاتحاد بعد أن كان يقطع الوعود على نفسه قبل الفوز في الانتخابات بأنه سيعدل من السياسة البريطانية بعدن.
ومنذ تلك الزيارة ارتفعت وتيرة المقاومة، وفي 24/12/1964م قتلت ابنة قائد سلاح الطيران للشرق الأوسط بقنبلة رماها أحد المقاومين إلى منزل ضابط في (خور مكسر) وفي عيد رأس السنة الميلادية ثم قتل أول ضابط عدني يعمل بالمخابرات البريطانية هو (فضل خليل) بالرشاش وسط سوق مزدحم في (كريتر) وبلغت حصيلة شهري نوفمبر وديسمبر من العام 1964م في عدن بـ(36) بين قتيل وجريح. أمام في العام 1965م فقد ارتفعت الإصابات إلى (237) بين قتيل وجريح ناجمة عن (286) عملية قامت بها المقاومة.
وركز رجال المقاومة في البداية على اغتيال رجال المخابرات البريطانية بالذات. فمن أصل (22) حادثة اغتيال تمت بنجاح في عام 1965م كانت (10) منها موجهة ضد ضباط مخابرات و إحداها في (الشيخ عثمان) تركت فوق جثة المقتول ملاحظة تقول: هذا العميل نفذت فيه الحكم الجبهة القومية. وعلى إثر ازدياد نشاط المقاومة لجأت الحكومة البريطانية في يونيو 1965م إلى إصدار قانون الطوارئ وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية واعتبرتها حركة إرهابية.
وفي 29 أغسطس 1965م قامت الجبهة باغتيال ضابط المخابرات البريطاني (هادي باري) وهو يمر بسيارته ذاهباً إلى عمله صباحا ثم تبعه بأيام اغتيال (آرثر شارلس) رئيس المجلس التشريعي، فتسبب ذلك بهزة عنيفة للإنجليز فرضوا على أثرها منع التجول في (كريتر). وهو الأمر الذي لم يردع المقاومة بل دفع الحركة العمالية والمؤسسات الوطنية الأخرى إلى إعلان الإضراب العام في 2 أكتوبر 1965م فرد الإنجليز على هذا بأمر الجيش النظامي بقمع المظاهرات، وتم اعتقال (760) شخصاً وتم زج عدد من زعماء الحركة العمالية بالسجون وإغلاق صحيفتين.. كما أنشأ الإنجليز لواء خاص بعدن يسمى بلواء (أيدن بريجيد) وتم تقسيم عدن إلى أربع مناطق أمنية إضافة إلى إجراءات أخرى كثيرة تستهدف الحد من نشاط المقاومة.
وفي 22 فبراير 1966م اضطرت بريطانيا إلى أن تعلن في ورقة الدفاع البيضاء بأنها (ستسحب قواتها من قاعدة عدن عام 1968م) لكن ذلك زاد من نشاط الثوار وتكثفت العمليات العسكرية خاصة بعد أن ثبت لهم أن نية بريطانيا كانت في إعطاء الاستقلال في عام 1968م لحكومة الاتحاد بعد أن تقوم بدعمها بالأسلحة وتوفر لها الحماية الجوية من على مسافة قريبة منها.
لكن في 13 يناير 1966م ساهمت وساطات خارجية في التقاء جبهة التحرير والجبهة القومية وإعلان الدمج القسري لهما، مما تسبب في الركود النسبي بأنشطة المقاومة لكن الأمر لم يستمر طويلاً، إذ عادت الجبهة القومية للعمل مستقلة بذاتها عقب انعقاد المؤتمر العام الثالث لها في (خمر) بتاريخ 29 نوفمبر 1966م وتم انتخاب سالم ربيع علي مسئولاً عن جناحها العسكري.. ومثل ذلك تحولا حاسما في مسار الكفاح المسلح والحركة الوطنية. فقد تضاعفت العمليات العسكرية التي تستهدف قوات الاحتلال إلى ستة أضعاف عما كانت عليه في العام السابق، إذ بلغت في عام 1967م حتى شهر أكتوبر منه فقط (2908) حادثة تسببت في (1248) إصابة بين قتيل وجريح بحسب وثائق قوات الاحتلال نفسها.
ولأول مرة في هذه السنة تستخدم الأسلحة الصغيرة بكثرة إلى جانب القنابل كذلك زادت المظاهرات والتجمعات وانضمت إليها المرأة على نحو ملحوظ وبارز، وأصبحت الإضرابات العامة الطويلة من مميزات هذا العام أيضاً.
ارتباك بريطانيا والبعثة الأممية..
وعلى أثرها زاد ارتباك الإنجليز، وأقدموا على تجريد البوليس المدني من صلاحياته في حفظ الأمن ليجعلوها بيد القوات البريطانية، وأعلن منع التجول بعد قيام الجبهة القومية بتنظيم إضراب عام في 19 يناير (يوم الاحتلال البريطاني لعدن) وتساقط عدد من الشهداء من جراء الالتحام مع القوات البريطانية وفي 28 فبراير قام أحد الفدائيين بتفجير لغما في منزل الضابط السياسي (انتوني انجليدو) في شكل لعبة أثناء حفلة عشاء تم فيها قتل امرأتين وجرح (11) آخرين، وبعد أسبوع حدثت عملية مماثلة.
وأمام عجز قوات الاحتلال في الوقوف بوجه العمليات الفدائية والمظاهرات والإضرابات والألغام وغيرها، اضطرت لعمل مراكز مراقبة فوق قمم ومنحدرات جبل (شمسان) ذات نواظير وأجهزة لا سلكي لتحذر من خلالها قواتها..ولكن دون جدوى.
وعندما جاءت بعثة الأمم المتحدة في 3 أبريل 1967م صعد الثوار كفاحهم المسلح وبقيت البعثة حبيسة فندق (سيفيو) بخورمكسر، لتغادر بعد خمسة أيام غاضبة، ورافق ذلك إضراب عام أيضاً. وكانت البعثة قد زارت سجن المنصورة في اليوم الثالث لها فقابلها المعتقلون بالتظاهر والهتاف بحياة الثورة وسقوط الاستعمار. وفي ذلك الأسبوع وحده بلغت الحوادث (280) حادثة تسببت في إصابة (64) بين قتيل وجريح وشهد شهر أبريل موجة صاخبة من الاغتيالات والتفجيرات.
وفي الأول من مايو 1967م بدأت السلطات البريطانية بتسفير عوائلها من عدن بحيث يقدر عدد الذين غادروا خلال أسبوعين (8000) شخص، وأقدمت بريطانيا على استبدال مندوبها السامي (ريتشارد ترنبول) باللورد (همفري تريفليان). ونتيجة لأحداث نسكة الخامس من حزيران 1967م اشتدت المقاومة وأجبرت الإنجليز على نقل الكتيبة البريطانية من مقر قيادتها الرئيسية في (خور مكسر) إلى مستشفى (عفارة) في الشيخ عثمان.
وفي 19 يونيو أعلن وزير خارجية بريطانيا عن سياسة حكومته القاضية بتحديد تاريخ الاستقلال ووعد بتقوية الجيش الاتحادي ودعمه جوياً بعد الاستقلال من حاملات طائرات بريطانية.. وهذا الإعلان أدى إلى انفجار الوضع في اليوم التالي في انتفاضة عارمة انطلقت من (معسكر ليك)، و(مدنية الاتحاد)، و (معسكر شامبيون) و (معسكر البوليس المسلح) هاجم فيها الثوار المعسكرات وأطلقوا السجناء وأحرقوا المكاتب الاتحادية واحتلوا مبنى السكرتارية العامة ونهبوا الأسلحة والذخائر من معسكر النصر وتمركزوا فوق البنايات، كما أطلقوا النيران على التجمعات البريطانية، وتحول يوم 20 يونيو 1967م إلى يوم مشئوم في تاريخ الجيش البريطاني، إذ خسر فيه (23) قتيلاً و (31) جريحاً.
خلال الأسبوعين اللاحقين بقيت (كريتر) بأيدي الثوار، لكنهم ما لبثوا الانسحاب منها بعد حصار قوات الاحتلال للمدينة، واستأنفت الهجمات بكثافة خلال الفترة يوليو- سبتمبر 1967م في (الشيخ عثمان) والمنصورة وتعرض الإنجليز لأكثرمن (80) حادثة ولاذوا يحمون أنفسهم داخل الثكنات.
وفي 23 أغسطس 1967م وجهت الجبهة القومية (8) قنابل (مورثر 8 مم) إلى دار المندوب السامي البريطاني في منطقة (حصينة وعسكرية).
وفي 28 سبتمبر وقف هجوم عنيف بالمورتر ضد ثكنات (كانت) في (التواهي). لكن بعد سبتبمر توقفت هجمات الثوار في (عدن الصغرى) و (الشعب) و (الشيخ عثمان) بعد أن اضطرت قوات الاحتلال الانسحاب منها نهائياً وتسليمها لقوات جيش الاتحاد.
وكانت القوات البريطانية قد أكملت انسحابها من الأرياف في يوليو تقريباً، ومن (عدن الصغرى) في 13 سبتمبر، و (الشيخ عثمان) في 24 سبتمبر، وتجمعت في خنادق جديدة في (المملاح) التي بقيت فيها حتى تاريخ الانسحاب النهائي في نوفمبر 1967م.
يشار أن الفترة الواقعية بين 6-11 سبتمبر كانت قد شهدت انفجار الاقتتال بين جبهة التحرير والجبهة القومية، ثم انفجر القتال ثانية في 3-6 نوفمبر 1967م وكان هذه المرة حاسماً لصالح الجبهة القومية حيث أعلنت القوات المسلحة وقوفها إلى جانبها بصفتها ممثلة وحيدة للشعب.
لقد مثل الانسحاب البريطاني من عدن وبقين المدن الجنوبية صفحة سوداء في تاريخ القوات الاستعمارية لم يمنح أي منهم فرصة تأدية التحية ومصافحة الأيادي كما جرت العادة عند تسليم الاستقلال، فقد خرجت بريطانيا مكرهة تجر أذيال خيبتها أمام شعب فقير الإمكانيات،.. لكن الشيء الوحيد الذي لم يقو أحد على سلبه إياه كان إرادته وعزيمته وتشبثه بإنسانيته وحقه في الحياة الحرة الكريمة.. وربما كان ذلك هو الجانب الوحيد الذي تفوق فيه الجنوبيون على قوات الاحتلال القادمة من أقصى بقاع الأرض لتتطفل على حياة ومقدرات الشعوب الفقيرة.. ولهذا السبب فقط انتصر الجنوبيون، حتى تحقق النصر المظفر لأبناء الجنوب وطردوا الاستعمار البريطاني من أرضهم في الـ30 نوفمبر1967م.
مواضيع قد تهمك
عاجل / سيل بشري جارف من المفلحي في طريقه إلى ساحة العروض بال ...
الأحد/21/ديسمبر/2025 - 09:49 ص
في مشهد مهيب يجسد الإرادة الشعبية الجنوبية، انطلق اليوم الزحف البشري الكبير من مديريات يافع الثمان باتجاه العاصمة عدن، للمشاركة في الاعتصام المفتوح بس
أطالب الحكومة البريطانية والمجتمع الدولي باتخاذ موقف عملي يع ...
السبت/20/ديسمبر/2025 - 11:24 م
شهدت العاصمة البريطانية لندن اليوم تظاهرة واسعة نظّمها أبناء الجالية الجنوبية في المملكة المتحدة أمام مقر الحكومة البريطانية، للتعبير عن دعمهم لتحركات
تحرير نحو 97 قطاعا نفطيا تضم نحو 3,000 بئر في كل من حضرموت ...
السبت/20/ديسمبر/2025 - 10:59 م
كشف أكاديمي جنوبي متخصص في قطاع النفط عن تحرير حوالي 97 قطاعا نفطيا، وكل قطاع منها يضم العديد من الحقول، وكل حقل يحتوي على عدد من الٱبار المنتجة للنفط
اللقاء التشاوري الحضرمي : دعم كامل للقوات المسلحة الجنوبية و ...
السبت/20/ديسمبر/2025 - 10:32 م
اكتظّت قاعة الزين للاجتماعات بمدينة سيئون، صباح اليوم السبت، بحضور نوعي وكثيف من المناصب والمشايخ والمقادمة، والوجاهات الاجتماعية، والمثقفين، والنخب ا
كتابات واقلام
صالح حقروص
الزيود والعمالة.. تاريخ لا يحق له المزايدة
محمد عبدالله المارم
عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة
خالد شوبه
"اعتصم" خيمة عنصري..!
احمد عبداللاه
خير معين لمن يريد فهم قضية شعب الجنوب
ناصر المشارع
إشاعات الإخوان تهدف لتفكيك التحالف.. والانتقالي حليف استراتيجي للسعودية
مسعود أحمد زين
منذ 60 عاما، تغير الزمن ولم يتغير مافي نفوس إعداء الجنوب
صالح شائف
لا يكتمل الحديث عن انتصارات الجنوب دون الحديث عن أبطال الميادين
عزة فريد صحبي
الاستراحة الأخيرة