آخر تحديث :الجمعة - 19 ديسمبر 2025 - 04:03 م

كتابات واقلام


ما أحوجنا للحوار فيما بيننا

الخميس - 04 مايو 2023 - الساعة 08:36 م

قاسم عبدالرب عفيف
بقلم: قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


لا يختلف اثنان بأن الحوار قيمة حضارية وانسانية تخلق جو من الثقة والتفاهم والود بين الاطراف المتحاورة، وتذيب جليد الحقد بين الناس، ومن شأنه تيسير الأمور للتفاهم والعودة الى جادة الصواب من خلال إختيار أفضل الطرق التي بتوافق عليها المتحاورون لحل خلافاتهم ورميها خلفهم .

الجنوب اليوم يمر بمرحلة تاريخية مفصلية، وعانى كثيراً من التشرذم والاختلافات، وتعرض للتدمير الممنهج والاحتلال الهمجي، ولا أعتقد أن إنسان عاقل لا يقبل الحوار فيما بين كافة الاطراف والمكونات المجتمع الجنوبي حتى يكون الجميع مشارك في استعادة دولته الجنوبية، وبناءها من جديد بالشكل الذي يتوافق عليه كافة الاطراف الجنوبية، وهذه لحظة تاريخية بكل المقاييس، خاصة وقد تكالب اعداء الجنوب من كل حدب وصوب لإفتراسه وتقطيعه.

كانت خطوة موفقة أن قرر الإنتقالي فتح حوار مع كل الطيف الجنوبي الذي يهمه استعادة الدولة الجنوبية، ومن اجل ذلك شكل لجان تدير هذا العمل وذهبت تلتقي مع المكونات في الخارج والداخل، والشخصيات السياسية وكل من يهمه أمر الجنوب، واستمعت للجميع وتشكل لديها جبال من الآراء والمقترحات التي تبلورت في تقديم وثيقة سياسية جامعة تسمى ميثاق الشرف، وهو حصيلة النقاشات التي تمخضت عن عمل اللجنة المكلفة وهذا الميثاق مطروح أمام المتحاورين في اللقاء التشاوري لبلورة الأفكار واعادة صياغته وادخال اية تعديلات فيه حتى تصبح وثيقة ملزمة لجميع الاطراف لتكون دليلهم النظري في سير عملهم اللاحق في استعادة الدولة الجنوبية .

هناك من عبر عن عدم مشاركته في هذا الحوار، وكلٌ له اسبابه وتحفظاته في عدم الحضور، وهذا لا يشكل قطيعة معهم فهم سيظلون جنوبيون، لهم احترامهم ولهم الحق في الإعتراض والموافقة كيفما يشاؤون وكيفما يرونه مناسبا، ويظل التواصل معهم مستمر ولن يتغير، وستظل اأواب الحوار مفتوحة أمامهم متى رغبوا في ذلك أو شعروا بأن لديهم ما يضيفوه إلى ما تم انجازه، ولا يجب أن يكون هناك أي إغلاق لأبواب الحوار، فهو وسيلتنا للتقارب والتفاهم لأننا أبناء بلد واحد، ويهمنا جميعاً أمنه واستقراره وبناءه بناءً صحيحاً والكل معني بالمشاركة سواء من حضر الحوار أم لم يحضر، أو كان مقاطع الحوار لأسبابه الموضوعية أو معترض فهذه مسائل مكفولة لكل جنوبي، يحق له الاحتفاظ برأيه وعلى الجميع إحترامه .

لكن من المهم التنبيه إلى شيء مهم، وهو أن يظل الخلاف والاختلاف بيننا كجنوبيبن كظاهره صحية، يوظل الاحترام موجود ولا يقلل من أهمية أي إنسان أو مكون بسببه، أو يتحول إلى صراع يخرج عن نطاق السيطرة من خلال -لا قدر الله- استخدام العنف والعنف المضاد، وهذا مرفوض جملة وتفصيل، وعلى الجميع ضبط البوصلة كل في مجاله، كما لا يجب أن يؤدي ذلك الخلاف السياسي إلى حرمان الاشخاص من حقوقهم المكتسبة سواءً في الراتب أو السكن أو أي شيىء آخر، كما كانت تستخدمه الأنظمة السياسية السابقة في محاولة معاقبة الخصوم بالوظيفة والراتب والسكن وغيرها من المعاملات الغير انسانية.

والأهم من ذلك عدم التمترس من قبل المكونات أو الاشخاص السياسيين الاعتباريين في خنادق متعادية، ويذهب بعضها لـ اللجؤ إلى أحضان أعداء الجنوب، بهدف الاستقواء بهم لكي يعينونه على تدمير بنيان الجنوب الذي نسعى جميعاً لإستعادته، وأعتقد أن التجربة قد أعطتنا الدروس الكافية لكي نختط طريق السلامة وهو طريق الحوار.

التجارب علمتنا بأن نقلع شوكنا بأيدينا برفق وسلاسة، وأن لا نلجىء إلى أعداء الجنوب الذي لديهم الاستعداد لتقديم المساعدة لكن الثمن سيكون تدمير الجنوب فالخيار لكم أين ستقفون