آخر تحديث :الثلاثاء - 24 يونيو 2025 - 11:02 م

كتابات واقلام


هولوكوست سياسي باسم الوحدة

ما جرى في 22 مايو 1990م لا يمكن أن يُروّج له كعيد وطني، ولا يُمكن للعقل الجنوبي أن يقبل باعتباره ذكرى تستحق الاحتفاء. لقد كان ذلك اليوم نقطة انطلاق لمشروع خديعة كبرى، سُوّق تحت لافتة "الوحدة اليمنية"، بينما كانت حقيقته أبعد ما تكون عن مفهوم الشراكة بين دولتين ذاتي سيادة.
تحت مظلة تلك الوحدة، تم تنفيذ هولوكوست سياسي حقيقي ضد الجنوب: جريمة سياسية وإنسانية ممنهجة، تم فيها تدمير مؤسسات الدولة الجنوبية، ونهب ثرواتها، وتسريح كفاءاتها، وتهميش شعبها، وتحويل الأرض والقرار والسيادة إلى أدوات بيد مراكز النفوذ في صنعاء، من شيوخ قبائل وعسكر وتجار وساسة، وحتى مثقفين جعلوا من ثقافة الاستتباع عقيدة فكرية.
لم تكن تلك وحدة، بل مشروع ضم وإلحاق وهيمنة، أفضى إلى حرب شاملة في 1994م، أكدت بما لا يدع مجالًا للشك أن ما بدأ في مايو 1990م كان إعلان بداية لاجتياح متكامل الأركان. وهو ما استمر عقودًا، بشكل مباشر وغير مباشر، عبر أدوات القمع والإفقار والتجهيل والتمييز المناطقي.
اليوم، لا يرى الجنوبيون في 22 مايو سوى ذكرى مأساوية، محطة لانطلاق مشروع إلغاء وجودهم السياسي، ومسخ هويتهم، وسلب إرادتهم. وهي ذكرى تستوجب المساءلة لا الاحتفال، والمراجعة لا التمجيد.
إن التاريخ لا يُزيَّف بالشعارات، والشعوب لا تُخدع مرتين. والجنوب، بكل وعيه ووعود مستقبله، يمضي نحو استعادة دولته، وإعادة الاعتبار لذاته، وإسقاط كل الأقنعة التي غطّت وجه الجريمة.