آخر تحديث :الثلاثاء - 24 يونيو 2025 - 09:52 م

كتابات واقلام


عدن... روح الجنوب التي لا تقبل الاستسلام

السبت - 17 مايو 2025 - الساعة 07:03 م

رائد عفيف
بقلم: رائد عفيف - ارشيف الكاتب



عدن ليست مجرد مدينة، بل هي نبض الجنوب، القلب الذي ينزف بصمت لكنه يرفض أن ينهزم. من انقطاع الكهرباء إلى انهيار الاقتصاد، ومن توقف التعليم إلى تأخر الرواتب، ليست هذه مجرد أزمات عشوائية، بل هي حصارٌ ممنهج يُطبق على المدينة وأهلها، محاولةً لإخماد صمودهم وإجبارهم على القبول بالواقع المفروض عليهم.

في ظل هذه الظروف، حيث تتراكم المعاناة، تتحول المطالب الشعبية إلى صوتٍ يرتفع في الميادين بحثًا عن العدالة والخدمات الأساسية، لكن بعض الجهات تستغل هذا الغضب لتوجيهه نحو أهداف تخدم مصالحها، بعيدًا عن جوهر المطالب الحقيقية لأبناء عدن. حتى عندما يخرج الناس للمطالبة بحقوقهم، يُستهدف علم الجنوب، وتُرفع شعارات تتجاوز المطالب الخدمية، مما يستدعي الحذر والوعي تجاه هذه التحركات.

لكن هذا الشعب الذي عُرف بتاريخه النضالي لن يُدفع إلى الفوضى، ولن يسمح بتحويل الغضب المشروع إلى صراع داخلي يفتت قضيته العادلة. إن الخصوم السياسيين يراهنون على إثارة الفتنة، على جرّ الأحرار إلى مواجهةٍ مع الناس، لكن الجنوب واعٍ، وأحراره وحرايره يدركون أن المعركة الحقيقية ليست بين أبناء عدن، بل بين من يحاولون سحق إرادتهم وبين الذين يرفضون الانكسار.

لكن الجنوب لا يُخدع، وأحراره وحرايره لن يسمحوا بأن تتحول الأزمات إلى أدوات تُفقد القضية بوصلتها. اليوم سنخرج إلى ساحة العروض محتجين سلمياً، رافعين علم الجنوب وصور الشهداء الذين سطروا تاريخًا لا يُمحى، مطالبين بحقوقنا بإصرار لا يُكسر، وتحت حماية جنودنا الذين يعانون مثلما نعاني، ونشكرهم لحفظ الأمن، فهم أبناء الجنوب الذين يقفون إلى جانب شعبهم بإيمانٍ أن الحقوق تُنتزع ولا تُوهب.

يُقال إن الاحتجاجات هدفها تحسين المعيشة والخدمات، ولكن الشعارات المرفوعة في الميادين تكشف ما هو أبعد من ذلك. هناك من يركب موجة الاحتجاجات، مستغلًا عواطف الناس، وموجهًا الغضب الشعبي نحو أهداف بعيدة عن جوهر المطالب الحقيقية. عندما يكون الشعار "لا انتقالي ولا شرعية"، فهل هذا يعبر عن مطالب خدمية؟ أم أنه دليل واضح على محاولة استغلال التحركات الشعبية لتحقيق مكاسب سياسية لا تخدم الجنوب وأبناءه؟ أنا هنا أنبّه، ولست مدافعًا عن أحد، فأنا أعاني مثلكم.

إن الجنوب بحاجة إلى وعي الجميع في هذه المرحلة، حيث تقع المسؤولية على كل الأطراف للحفاظ على سلمية الحراك، وضمان أن تبقى المطالب مركزة على تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية، دون السماح بتحويلها إلى صراعات تزيد من معاناة المواطنين.

عدن ستظل ثابتة في وجه التحديات، وأهلها سيواصلون نضالهم المشروع من أجل واقعٍ أفضل، مدفوعين بإرادتهم وإيمانهم بحقوقهم، بعيدًا عن أي محاولات لإعادة توجيه مسار مطالبهم المشروعة.

هذا ليس مجرد احتجاج، بل إعلانٌ بأن عدن باقية، وأن الجنوب لن يقبل بغير الحق، مهما حاولوا تغييب صوته.