آخر تحديث :الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 07:59 ص

كتابات واقلام


الدهاء الفرعوني وغزل أحفاد العم سام 1 - 2

الأحد - 10 أغسطس 2025 - الساعة 04:39 م

نزيه مرياش
بقلم: نزيه مرياش - ارشيف الكاتب


من يظن أن الدول العظمى لا تُذل فقد خاب ظنه، فنحن في القرن الواحد والعشرين الذي يصدى من ثكناته عبارة ( ليس هناك مستحيل ) . ومن يظن أن أخضاع الدول العظمى لا يأتي إلا بقوة السلاح والجيوش، فأنصحه أن يراجع حساباته، فالحروب لا تضع أوزارها بعدد الجيوش وقوة السلاح، بل بالخديعة والمفاجأة وأهمها ( وهي ماء الأنتصار ) الحرب الناعمة بالطريقة الفرعونية، التي أبتكرتها الدولة العربية العظمى والتي بها أخضعت أمريكا وإسرائيل، اللتان مارسا عليها جميع فنون الضغوطات الظاهرة والباطنة، على حدودها المحلية والأقليمية والدولية .
هذه الضغوطات التي أرادت بها أمريكا ووكيلها الإسرائيلي المدلل من مصر، أن تغض البصر عن المخططات الأمريكية للتغيرات الجيو إستراتيجية التي ستطبق على رقعة الشرق الأوسط .
أليك بعض من هذه الضغوطات : -
1 - الحرب الجيو إستراتيجية الأمريكية التي تهدف إلى الأستحواذ على البحر الأحمر بكامله، من باب المندب إلى قناة السويس التي تملك القفل والمفتاح معاً بين نصفي الكرة الأرضية الغربي والشرقي .
2 - الدعم الأمريكي اللأمنقطع لأثيوبيا ليس فقط لبناء سد النهضة الذي يمثل خطراً على الأمن القومي المصري بل أيضاً لحصولها على منفذ بحري في البحر الأحمر .
3 - إبقاء الحوثي في مواجهة دائمة إما مع أمريكا او إسرائيل، حتى تستمر الأضطرابات والفوضى على باب المندب الذي سيحرم مصر من مليارات من إيرادات قناة السويس .
4 - ترحيل أهل غزة خارج أرضهم إلى سيناء لتكون وطناً بديلاً للفلسطينيين .
5 - التحركات الإسرائيلية _ إستغلال إسرائيل التصعيد العسكري ضد حماس _ ضد الإستراتيجية المصرية في شبة جزيرة سيناء، وذلك عبر نشر دبابات فوق تباب في رفح مع تصويب مدفعياتها نحو سيناء ، وأيضاً تمركزات عسكرية ومحطات رصد وتجسس وطائرات الأستطلاع على طول الحدود، وهو ما يعني تحويل جبهة المجهود الرئيسي في أتجاه مصر، تلويحاً بعمل عسكري يستهدف سيناء .
6 - محاولة إسرائيلية أمريكية للبسط على جزيرتي تيران وصنافر، لإقامة عليهما قاعدة عسكرية مطلة على وحدات الجيش المصري بالكامل في سيناء، وستكون مواجهة لقاعدة في شرم الشيخ، التي تمثل قاعدة الدفاع الإستراتيجي بالدرجة الأولى عن كامل جنوب سيناء .
7 - إيقاف المساعدات الأمريكية السنوية لمصر والتي تبلغ 1.5 مليار دولار .
8 - إلزام القوات المصرية بالمشاركة في الحرب على اليمن .
9 - السماح بعبور السفن الأمريكية العسكرية والتجارية في قناة السويس ، دون دفع الرسوم .
10 . عدم السماح لمصر لقرابة أربعين عاماً من الحصول على أسلحة، تمثل أجيالاً متقدمة من تكنولوجيا السلاح سواء على مستوى سلاحها الجوي، أو قواتها المدرعة، أو الصاروخية، أو أنظمة دفاع جوي بعيدة المدى، وإبقاء دفاعات مصر الجوية تحت سقف الدفاعات القصيرة والمتوسطة فقط .
كل هذه الضغوطات والطلبات الأبتزازية التآمرية الأمريكية لم تُخضع الفراعنة الذين أستشعروها وسحقوها بالرفض التام والحاسم .

ولكننا نعلم جميعاً وفي مقدمتنا قادة مصر أن المكر الأمريكي لن يرضخ للرفض المصري، وسيفرز كل سموم مكره ليحقق أهدافه . لذلك ومن تلك اللحظة بدأت العبقرية المصرية بالتفوق على المكر الأمريكي، الذي جعلته مصر كالحمل الوديع الذي وافق على طلب مصري، قد تم رفضه لعقود من الزمن .
فكيف لا نعظم مصر وهي التي أجبرت أمريكا على مغازلة القاهرة، بصفقة ( بمكونات إستراتيجية ) تسليح مليارية ضخمة بقيمة تقارب 4.67 مليار دولار، عبر تزويدها بأحد أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً في العالم .
والعجيب أن ليس هناك إعتراض على الصفقة من قبل تل أبيب، والأعجب أن هذه المنظومات الدفاعية الجوية تُعد من نفس الفئة التي يستخدمها الجيش الأوكراني حالياً في تصديه لدب الروسي، مما يعكس مدى التطور الذي تحمله هذه الأنظمة في قدراتها الدفاعية .
هذا الدهاء الفرعوني الذي تم رسمه عبر تحركات مصرية نحو إستدارتها الإستراتيجية، ضد ما تخطط له إسرائيل وأمريكا ضدها، سنتناوله في الجزء الثاني من هذا المقال ...

... يتبع ...