آخر تحديث :الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 07:59 ص

كتابات واقلام


إلى متى ستبقى عدن في قبضة الظُلَّام، وعذاب الظَلَام؟

الثلاثاء - 21 أكتوبر 2025 - الساعة 10:12 ص

محمد علي محمد احمد
بقلم: محمد علي محمد احمد - ارشيف الكاتب


بقلم: محمد علي محمد أحمد



​منارة الجنوب، "عدن الجميلة"، تتحول يوماً بعد يوم إلى "جحيم مُظلِم" يبتلع أحلام وطموحات سكانها،إنها ليست مجرد انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، بل هي موت بطيء للحياة، وتفنن في تعذيب شعب أنهكته الحروب وأجهزت عليه حكومة الإهمال، وعديمي المسؤولية، لارجال دولة بل أشباهٌ بلا فِعَال.


​ساعات طوال يقضيها أهالي عدن في "ظلام ظليم" لم تعد تُقاس بساعات الوصل التي فرضوها عليهم الأنذال، في تدرج لساعات الإطفاء بحسب مصالحهم و الأهواء، في حين التشغيل لا تتجاوز الساعتين ولمرة واحدة وهي بالنسبة للمطبلين إنجاز قام به ضريط الذي نزل بنفسه لينقذنا، يا لمهزلة جَعَلت منكم مسخرة في أبشع صور للذل والغباء!
متى تتحرك فيكم ياشعب مشاعركم وقد أصبحت روتين يومكم القاسي والمظلم صباحاً ومساء!.

​في مدينة ساحلية ترتفع فيها درجات الحرارة والرطوبة إلى مستويات لا تُحتمل، تتحول المنازل نهاراً إلى جحيم لا يطاق، وعند المساء لايذوقون النوم حتى إذا أهلكهم الأرق سقطوا من الإعياء ، والمرضى والأطفال وكبار السن يدفعون الثمن الأغلى، ​لم تعد الأزمة مقتصرة على المنازل وحسب، فالمستشفيات الحكومية تكافح لإنقاذ الأرواح، ومياه الشرب مهددة بالتوقف الكلِّي، وشبكات الاتصالات تترنح ولا عزاء ، وكل ذلك بسبب توقف محطات التوليد لنفاد الوقود كما يدّعون، عذر أقبح من ذنب.


​تتجدد الأزمة وتتفاقم في كل موسم، والسبب المعلن دائماً هو نقص الوقود، هذا الوقود الذي يُفترض توفيره لخدمة "العاصمة المؤقتة" لا يصل بانتظام، في ظل اتهامات مستمرة بسوء إدارة وفساد يلتهم المليارات المخصصة لقطاع الكهرباء، ولا حلول جذرية تُنَفَّذ، ولا محاسبة تُطَبَّق، وكأنَّ معاناة الناس باتت أمراً مُقدَّراً ومكتوباً عليهم.

ف​إلى متى هذا العذاب؟
سؤال يتردد صداه في كل شارع مظلم.

​نخاطبكم أيها "الحكام"، الذين اتخذتم من عدن مقراً عالياً وأنتم الأدنى، ووفرتم لأنفسكم كل سبل الراحة والاستجمام، وهي غارقة في الظلام:
"هل تستشعرون وطأة هذا العذاب أم أنكم عديمي الإحساس كالبهماء ؟
هل تملكون ذرة خجل وأنتم تعيشون في قصوركم المكيفة، بينما يتقلب المواطن على جمر صيف عدن اللاهب دون بارقة ضوء أو نسمة هواء؟

​إن كنتم عاجزين، فـ الإعلان عن الاستقالة أقل واجب ، ف​في أدبيات السياسة، الاستقالة هي اعتراف بالفشل، والوضع في عدن تجاوز الفشل ليصبح جريمة بحق الإنسانية جمعاء.

لذلك فإن استقالتكم أيها المسؤولون، هي الحد الأدنى، وهي أقل ما يمكن تقديمه لشعب سئم الوعود الكاذبة والتبريرات الواهية.

​أما وقد بلغ السيل الزبى، فإنّ العدل يطالب بأكثر:​ فإذا كان الفشل يتكرر عاماً بعد عام، وإذا كان الفساد هو المحرك الرئيس لهذه الأزمة المزمنة، فـ الاستقالة والله لم تعد في حقكم كافية!


​إن الشعب المكلوم، الذي حوَّلتم مدينته الجميلة إلى ركام من الظلام والمعاناة، يستحق أن يرى العدالة تتحقق، في مثول كل من تسبب في هذا الإنهيار، وحوّل حياة المواطن إلى سعير، للمحاكمة أمام (القضاء العادل).

فمن أهدر مقدرات البلد، ومن استغل أوجاع الناس ليغتني على حسابهم، فهذا هو المصير الذي يجب أن يواجهه كل من ثبت تورطه، كل مسؤول وقائد رَضِيَ ببيع شعبه في سوق النخاسة، بثمن بخس دراهم معدودة ومناصب صوريَّة، وهم على ثلاثة أشكال بُلِينَا بهم وأصبحوا وكأنهم قدرنا الذي لاننفك منه..

"فأشرسهم بليغ في الخطابة، يصرخ بعنفوان وحماسة يَعِدُ شعبه بوعود كذَّابة"،

"وأحقرهم يتلذذ بمعاناة شعبه وتجري في دمه الدياثة و الخيانة"

"وأظلمهم لنفسه من شَهِدَت له ساحات الوغى بالذوذ عن وطنه بصدق وإخلاص وأمانة، فجمع حوله أقزام حتى أفقدوه الإرادة، وأوهموه بأنه في الطريق الصحيح طالما وهو متمسك بدَفَّةَ (القيادة) ."

​إنها دعوة صادقة لوقفةَ ضمير، لوقفةٍ شعبية لا تقبل المساومة، فإما نور يعيد الحياة لجنوبنا الحبيب ولعاصمته الغالية عدن، أو إعلان صريح بـ "الرحيل والمحاسبة" لكل من خذلها وخذل أهلها، وإلاَّ والله وتالله وبالله لن ترتفع لنا راية، وسنظل كالعبيد بلا عزة ولا كرامة، واللعنة ستلاحقنا لصمتنا عن سَاعة قَبِلنَا فيها الظلم والمهانة ، فكيف بحياة كلها غبن وضيق ومحن بلا نهاية!

و إلى متى؟!