آخر تحديث :الخميس - 13 نوفمبر 2025 - 06:08 م

كتابات واقلام


منفذ الوديعة.. الإيرادات المفقودة في زمن الحاجة

الإثنين - 03 نوفمبر 2025 - الساعة 05:11 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


بينما تبحث الحكومة عن موارد مالية لتغطية المرتبات وتحسين الخدمات، يظل منفذ الوديعة الشريان البري الوحيد الرابط بين بلادنا والسعودية ملفًا غامضًا ومفتوحًا للعبث.

إيرادات بملايين الريالات تُجبى يوميًا، لكنها لا تصل إلى البنك المركزي، ولا يعرف المواطن أين تذهب.

يُعد منفذ الوديعة من أهم المنافذ الحيوية للدولة نظرًا لموقعه الاستراتيجي وحجم الحركة التجارية والإنسانية عبره. غير أن ما يدره من أموال ضخمة عبر الرسوم الجمركية والضرائب والإتاوات يظل في الأغلب خارج السيطرة الرسمية. ملايين تُجمع يوميًا لكنها تضيع في طرقات النفوذ، بعيدًا عن الخزينة العامة.

السؤال الذي يفرض نفسه بوضوح:
لماذا لا تبادر الحكومة إلى تشكيل لجنة مالية وقانونية مشتركة تضم ممثلين من وزارة المالية والجمارك والبنك المركزي والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لتتولى الإشراف على إيرادات المنفذ وتوريدها مباشرة إلى البنك المركزي، إلى حين استكمال الترتيبات الإدارية والتنظيمية؟

إن ما يحدث اليوم عبث صريح بالمال العام وتعدٍّ على حقوق الدولة والمواطن، في وقت يواجه فيه الاقتصاد أزمة خانقة ويدفع المواطن وحده ثمنها ارتفاعًا في الأسعار وتدهورًا في مستوى المعيشة.

لا يُعقل أن تستمر الحكومة في البحث عن المنح والمساعدات بينما تترك واحدًا من أكبر مصادر الدخل خارج سيطرتها. فالمنافذ ليست مجرد نقاط عبور، بل موارد وطنية يجب أن تُدار بعقل الدولة وقانون الخزينة، لا بمنطق المصلحة والنفوذ.

إن الرقابة ليست خصومة، بل واجب وطني لحماية المال العام وإرساء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. والمبادرة إلى فرض الشفافية في منفذ الوديعة ستكون رسالة واضحة بأن الحكومة جادة في الإصلاح، لا في الخطاب فقط، بل في الفعل والمحاسبة.

فالدولة القوية لا تُبنى إلا بإدارة عادلة وشفافة للموارد، ومنفذ الوديعة يجب أن يتحول من ما يُشتبه أنه بؤرة فساد إلى رافعة للاقتصاد الوطني.

ولعل أول الطريق نحو الإصلاح يبدأ من هنا من منفذ الوديعة...
فهل نرى هذه المرة قرارًا شجاعًا يضع الأمور في نصابها الصحيح؟