آخر تحديث :الخميس - 13 نوفمبر 2025 - 05:34 م

كتابات واقلام


أزمة الكهرباء والأسعار والمرتبات تُنهك حياة الناس وتضاعف معاناتهم

الثلاثاء - 04 نوفمبر 2025 - الساعة 02:15 م

اللواء علي حسن زكي
بقلم: اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


إنّ انقطاعات الكهرباء والمياه لا تزال مستمرة، وإن عادت أحيانًا فمجرد طيفٍ عابر، في حين تتصاعد الأسعار بشكل مستمر. فالتجار وأصحاب الصيدليات – بوجه عام – يتسابقون في رفع الأسعار رغم تحسّن سعر الصرف، الذي شهد هبوطًا نسبيًا في بداية الإصلاحات. لكن هذا التحسن لم يدم طويلًا، إذ عادت الأسعار للارتفاع مجددًا بسبب ضعف الرقابة واستمرار غياب المتابعة من الجهات المعنية.
أما المرتبات، فقد انقطعت هي الأخرى منذ خمسة أشهر، وها هو الشهر السادس يطرق الأبواب دون أي مؤشرات حقيقية لانفراج قريب، باستثناء صرف راتبٍ واحدٍ لم يحل مشكلة الموظفين بل زاد من معاناتهم، وكأنه – كما يقال – “أُعطي لمن ذا القلب، وأُعطي لمن ذا العين”.
تزامن ذلك مع شُحٍّ في العملة المحلية، ليس فقط في سوق التداول والصرافة، بل حتى في البنك ذاته، ما زاد من إنهاك الأسر والأطفال وضاعف من معاناتهم. وقد سُجّلت في الآونة الأخيرة حالات انتحار بين بعض الآباء الذين لم يعودوا قادرين على إطعام أطفالهم أو التخفيف من آلامهم وسط انتشار المجاعة وغياب أي استجابة تُذكر.
فكيف للناس – والحال على هذا النحو – أن يعيشوا؟!
وهل هناك من صحوة ضمير وحلول عاجلة وملموسة تُنقذهم من نفق المجاعة، بعيدًا عن الاجتماعات والقرارات التي لم تصل نتائجها بعد إلى موائدهم؟ فالناس بحاجة إلى عيشٍ كريم لا إلى قراراتٍ على الورق.
وإذا كان من الصحيح أن شعب الجنوب قد فوض المجلس الانتقالي الجنوبي وقيادته ممثلةً بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي لحمل قضيته وتمثيله في المحافل الإقليمية والدولية، فإن من الصحيح أيضًا أن حياة هذا الشعب ومعيشته وخدماته ومرتبات موظفيه يجب أن تكون في صميم هذا التفويض، لأن الإنسان وحقه في الحياة الكريمة هما الغاية والهدف.
كما أن مجلس القيادة الرئاسي وحكومة الشراكة يتحملان مسؤولية مباشرة عن حياة المواطنين ومعيشتهم ورواتبهم وخدماتهم. فإذا لم تكن الشراكة من أجل الناس، فمن أجل ماذا إذًا؟ هل هي مجرد تمثيل ومحاصصة وتقاسم مناصب وامتيازات؟
إن الدولة – أي دولة – تعني سيادة وطنية ومؤسسات فاعلة، وخدمات ومرتبات وأمنًا واستقرارًا وتنميةً مستدامة. وإن لم تكن كذلك، فبماذا تُعرّف نفسها وما وظيفة وجودها؟
على من يراهنون على صبر الشعب أن يدركوا أن هذا الصبر لن يطول، فـ للصبر حدود، وقد بلغ السيل الزُبى وبلغت الأنفس الحناجر. وربما ينفجر الشعب في لحظة واحدة في وجه الجميع، فـ الجوع كافر.
وفي هذا السياق، من الواجب أن تقود القوى السياسية والاجتماعية والمدنية والمهنية نضالها السلمي للتعبير عن معاناة الناس وإيصال صوتهم إلى الخارج – إقليميًا ودوليًا – وإلى المنظمات الحقوقية والمعنية بالدفاع عن الحقوق والحريات. فلم يعد هناك متسع من الوقت، وإلا فسنفتح أبواب المقابر الجماعية بأيدينا.