آخر تحديث :الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 05:40 م

كتابات واقلام


راتب المعلّم…

الإثنين - 24 نوفمبر 2025 - الساعة 05:57 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


هــل يُعقــل أن يحصل العســكري على ألف ريال سعودي شهريًا، بينما يُترك المعلم يتشبث بما تبقى من الحياة براتب هزيل لا يتجاوز تسعين ألف ريال يمني؟
أي خلل هذا؟ وأي منطق يشرعن تكريم من يحمل السلاح وإهمال اليد التي تحمل القلم وتُنشئ العقول؟

المعلــم ليس مجرد اســم في ذيل كشف الرواتب، بل هو الذي يبدأ منه كل شيء.
يصنــع الطبيــب والمهنــدس والقاضــي والضابــط، يفتــح للطفل نافــذة أولــى علــى المعرفــة ويزرع بداخلــه بــذرة للوعــي والالتــزام والإنسانية.

حين يُترك المعلم في زاوية الفقر والعجــز، لا يُخطأ في حقه فقط، بل تُرتكب خيانة صريحة بحق مستقبل البلد.

الفجوة بين راتب العسكري وراتب المعلم ليست مجرد فارق مالي، بل شــهادة على انهيار منظومة القيم، واعتراف بفشل السياسات التعليمية والاجتماعية.

رسالة مخيفة للأجيال المقبلة بأن العلــم لم يعد أولوية، وأن مســتقبل الوطن يُضحى به بلا تردد.

كيــف نطالــب معلمًا ببنــاء عقول أبنائنا، وهــو عاجز عــن تأمين حياة كريمة لأسرته؟
كيف نرجــو منه صناعــة جيل واعٍ بينمــا يقاتــل يوميًا من أجــل لقمة العيش؟

أمة تُهين معلمها لا تحتاج إلى عدو كي تســقط؛ فهي تســقط نفسها.
وبلد يرفع قيمة الســلاح فوق قيمة القلــم يحفــر قبــره بيــده، ويمهّد لانهيار طويل يبدأ من المدرســة ولا ينتهي عند حدود الدولة.

العــدل للمعلــم ليس خيــارًا؛ إنه استثمار في مســتقبل وطن يريد أن يبقى حيًا، وضمان لاستمرار بناء الأجيال واستقرار الدولة والمجتمع على المدى الطويل.

#محمد_عبدالله_المارم_القميشي