آخر تحديث :الجمعة - 12 ديسمبر 2025 - 12:07 ص

كتابات واقلام


بتحرير النفط انتفى مايعرقل استقلال الجنوب

الخميس - 11 ديسمبر 2025 - الساعة 11:50 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


يعد اكتشاف النفط في جنوب الجزيرة العربية سببا لنكبته وتدهور أوضاعه الاقتصادية والأمنية ليس في اليمن فحسب بل في الجنوب العربي أيضا ، ففي المملكة المتوكلية الهاشمية وبداية عهد النفط أدت حكمة الامام يحيى حميد الدين إلى ردم ابار النفط التي تم اكتشافها مخافة أن تتحول المملكة المتوكلية إلى مقصد الطامعين في الثروات فتتوجه الجيوش لغزو اليمن ، فاخفى نتائج الاكتشافات النفطية في منطقة الجوف ومأرب ، وظلت اليمن دولة زراعية فقيرة بالكاد تلبي الاحتياجات الضرورية لحياة مواطنيها.

الجنوب أيضا لم يتمتع بفوائد الاكتشافات النفطية في شبوة وحضرموت والسبب وقوعه تحت هيمنة واستبداد الامبراطوريات النفطية العابرة للحدود المتجاوزة لقواعد العلاقات السياسية بين الدول والمعتمدة فقط على نسبة الأرباح من الامتيازات النفطية في الدول العاملة فيها.

بعد الوحدة الغير مباركة والتي كانت وبالا على الشعبين اليمني والجنوبي فإن قوى النفوذ النفطي الفاسدة اخرجتهم من استحقاقات عوائد النفط ، حيث تقاسمت قوى النفوذ مربعات في الخارطة النفطية والغازية بنسب تتفاوت حسب القرب من الرئاسة ممثلة بعلي عبدالله صالح وعبدالله بن حسين الأحمر وعلي محسن وآخرون ، رسمت صحيفة الديار مربعات ملونة في الخريطة النفطية باسم هذا وذاك من المتنفذين اليمنيين هوامير النفط والغاز المرتبطين بمافيا النفط العالمية المتجاوزة للعلاقات السياسية بين الدول والتي لاتعترف بالقيم والمبادئ والاخلاقيات الوطنية والإنسانية وكان ذلك العدد هو الأخير والذي ادى الى أغلاق الصحيفة.

بعد اكتشاف النفط الجنوبي المرتبط فيما يطلق عليه بالمثلث الاسود النفطي العالمي الممتد من كركوك وحتى البحر العربي وبحسب الأعداد المتزايدة للشركات المنقبة والمصدرة له وصراع المنافسة للحصول على حق الامتياز للتنقيب عن النفط في اليمن فتح الرئيس علي عبدالله صالح الباب على مصراعيه وتحولت تجارة النفط من مؤسسات عملاقة إلى سمسرة رخيصة ومعامل لمن هب ودب تعبث بالثروات بدون رقابة ولا محاسبة ، ويتم اخفاء البيانات الحقيقية للكميات النفطية المستخرجة من مناطق الامتياز في حضرموت وشبوة من قبل كبريات شركات التنقيب لعله مخافة العين والحسد واسالة لعاب الشعب الباحث عن الرفاهية والعيش الرغيد

بعد أن حصلت البيوت التجارية اليمنية المتنفذة وهوامير الفساد المشاركين في سلطة ٧ يوليو 1994م ، واغتنامهم لثروات الجنوب النفطية والغازية والمعدنية انشغلوا بالاستثمارات الذاتية بينهم وبين الشركات العابرة للحدود التي استثمرت وجود بؤر الفساد السياسي النفطية لتتمكن من شفط المخزون بنهم وشراهة متسارعة قبل أن يفيق أصحاب الأرض ويثوروا ضد سلطة الفساد السياسي الخائن للشعب والدين والوطن البائع لمصالح الشعب في السوق السوداء المليئة ملفاتهم بقضايا الفساد وخيانة مصالح الوطن وتبديد ونهب ثرواته ، كيف لهؤلاء أن يتركوا كراسي السلطة أو أن يسمحوا للشعب بفتح ملف الثروات ومعرفة كمية الإنتاج النفطي والغازي والمعدني ومقدار المبالغ المحصلة من تجارة هذه الثروات ، لا هم ولا الشركات العابرة للحدود سيسمحون بذلك ، ولهذا سيعرقلون اليوم وغدا حق الجنوبيين باستعادة دولتهم وسيسعون بكل السبل وفي كل المحافل الدولية مستغلين النفوذ العالمي الضاغط لحماية مافيا النفط العالمية في زرع وغرس اسفين تمثل في المنطقة العسكرية الاولى الأضخم في اليمن عنادا وعديدا وذلك لعرقلة جهود التسويات السياسية التي تمكن أصحاب الأرض من ثرواتهم

ليس أمام الجنوبيين أصحاب الأرض والثروة الا كما قال الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بأنها حرب النفط ولابد من أن نخوضها لننهي حقبة الاستبداد والهيمنة ونهب خيرات الشعب الجنوبي ومقدراته ، إذن هي حرب النفط في حضرموت وشبوة والمهرة التي عرقلت قوى النفوذ النفطي تحريرها من المنطقة العسكرية الاولى التابعة للشركات العابرة للحدود الغير معترفة بسيادة الدول والعلاقات السياسية المتبادلة بينهما
المنطقة العسكرية الاولى ليست قوات عربية ولا يمنية ولا حضرمية أو مهرية أو شبوانية ولا تنتمي لوطن وارض وشعب ، هي عصابات مسلحة لاتدافع عن مقدرات شعب ولا تحمي سيادة الوطن ليست لها علاقة بصد الانقلاب على السلطة ولا الدفاع عن الجمهورية هي مرابطة حول حقول النفط تحمي النفط وشركاته العابرة للحدود

في ديسمبر العام 2025م ، المجلس الانتقالي الجنوبي وبعد صبر طويل وبالاستعانة بالقوات المسلحة الجنوبية وبعد استنفاذ كل السبل قرر بأن يتهيأ للمرحلة الأخيرة والحاسمة ، فقدم ولأول مرة في الجنوب منذ العام 1990م وفي ساحة العروض بخور مكسر عرضا عسكريا مهيبا احيط بقدر كبير جدا من التنظيم والتنسيق الاستعراضي كي يظهر الهيبة والشخصية العسكرية الجنوبية الضاربة وحضورها في المشهد لتوصل رسالة خاصة لمن يعنيه الأمر والحليم تكفيه الإشارة ، وفي اليوم التالي من الاستعراض العسكري المهيب انتقلت القوات المسلحة الجنوبية من العرض النظري إلى التطبيقي على الأرض لتنفذ اكبر عملية انتشار عسكري وتموضع في تاريخ جيش الجنوب ممتد من باب المندب إلى شحن في المهرة وليغطي حدود الجنوب البرية والبحرية خلال اقصر فترة زمنية في سباق مع الزمن وليباغث المنطقة العسكرية الاولى المرابطة في مثلث النفط والثروات الجنوبية شبوة حضرموت المهرة لتتفاجأ بالجرأة والاقدام الغير متوقع من الاقتراب من القلعة المحصنة لاقتحامها اول مرة منذ إقامتها في الوادي بعد حرب 1994م ليضربها جيش الجنوب كالصاعقة فيذرها شذر مذر لايعرف قادتها اي وجهة ينتقلون إليها بعد استقرارهم فيها ثلاثون عاما منذ التأسيس

لقد تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من كسر حاجز الأسطورة العسكرية المعرقل لضم شبوة وحضرموت والمهرة للصف الجنوبي إدارة وسيطرة وقضى اخيرا على رعبها وارهابها الذي يمتد إلى أبين وعدن وكذا إلى البيضاء ومأرب اليمنيتين واخلى مواقعها والنقاط العسكرية المتقطعة لطريق الامنين

آن للمجلس الانتقالي الجنوبي وبعد هذه الانتصارات الأسطورية والظهور بهذه الصورة المشرفة أمام المجتمع المحلي الجنوبي والمراقبين الدوليين كقوة جادة في طلبها بتحرير الأرض واستعادة الدولة آن له أن يتجرأ أكثر ويستعين بالاصطفاف الجنوبي خلفه واحتشاد الجماهير الجنوبية في كل الساحات في عموم محافظات الجنوب العربي المطالبة بإعلان الدولة ويعلنها مدوية في كل الإرجاء لقد انتهى عهد الوصاية والهيمنة والاستبداد اليمني على الجنوب ونهب خيراته وليعلن الرئيس القائد عيدروس الزبيدي عن قيام دولة الجنوب العربي بحسب التسمية المتفق عليها . فقد خلت ارض الجنوب من كل مظاهر الاحتلال واتضحت الصورة الحقيقية للجنوب كما هي بدون شوائب بجنوب خالص بكل ابنائه ولكل ابنائه فلم يعد هناك مايعرقل اعلان الدولة وانهاء عهد الشراكة الباطلة