آخر تحديث :الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - 01:52 ص

كتابات واقلام


حضرموت والمهرة… عمق الهوية الجنوبية وحقيقة لا تقبل التزوير

الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - الساعة 11:14 م

محمد باحميل
بقلم: محمد باحميل - ارشيف الكاتب


لم تكن حضرموت والمهرة يومًا هامشًا في الجغرافيا الجنوبية، ولا استثناءً في التاريخ السياسي للجنوب، بل شكلتا على الدوام عمقًا استراتيجيًا، وجزءًا أصيلًا من هوية الدولة الجنوبية سياسيًا وجغرافيًا واجتماعيًا. وأي طرح يحاول فصل حضرموت أو المهرة عن سياقهما الجنوبي لا يمكن قراءته إلا كتشويه متعمد للتاريخ وخدمة لأجندات خارجية تسعى إلى تفكيك الجنوب وإضعاف مشروعه الوطني.

تاريخيًا، كانت حضرموت والمهرة ضمن الكيان الجنوبي قبل عام 1990، وشكلتا ركيزتين أساسيتين في الدولة الجنوبية بحدودها المعروفة. هذا الارتباط لم يكن مجرد ترسيم إداري، بل وحدة سياسية وجغرافية متكاملة، عززتها شبكة علاقات اجتماعية وثقافية واقتصادية ربطت شرق الجنوب بغربه، من المهرة إلى باب المندب.

جغرافيًا، تمثل حضرموت والمهرة الامتداد الطبيعي للجنوب وعمقه الاستراتيجي، وأي محاولة لعزلهما أو التعامل معهما كـ«خصوصية منفصلة» تتجاهل حقيقة أن الجنوب وحدة جغرافية متصلة لا تقبل التجزئة. فالحدود، والطرق، والموانئ، والتداخل المجتمعي كلها تؤكد أن الجنوب كيان واحد لا يمكن تفكيكه دون نسف أسسه الوطنية.

أما اجتماعيًا، فقد كانت حضرموت والمهرة حاضرتين في مسار النضال الجنوبي، وشاركتا في التضحيات التي قدّمها أبناء الجنوب دفاعًا عن الأرض والهوية. ولم تكن هذه التضحيات منعزلة أو محلية، بل جزءًا من مشروع وطني جنوبي جامع، عبّر عن نفسه في مختلف المراحل السياسية والنضالية.

إن محاولة تجاوز هذه الحقائق التاريخية والجغرافية والاجتماعية تمثل تزويرًا للوعي الجمعي، واستهدافًا مباشرًا للمشروع السياسي الجنوبي القائم على وحدة الأرض والهوية والإرادة. فحضرموت والمهرة ليستا تفصيلًا قابلًا للنقاش، بل ركنًا أصيلًا في الجنوب، ولا دولة جنوبية ممكنة دون وحدتهما ضمن هذا الكيان التاريخي والوطني الجامع.