آخر تحديث :الأحد - 10 نوفمبر 2024 - 06:46 م

شهداء التحرير


الشهيد محسن الهدالي.. أيقونة النصر وقائد الفدائيين

الخميس - 06 فبراير 2020 - 12:03 ص بتوقيت عدن

الشهيد محسن الهدالي.. أيقونة النصر وقائد الفدائيين

تقرير/ محمد محسن الهدالي



الشهيد محسن صالح مثنى حسن الهدالي من مواليد. 1967م من أبناء م/ جحاف - م/ الضالع متزوج وله ثمانية أولاد - منهم أربعة ذكور - وأربعة إناث، حيث بدأ في عمليته الدراسية للمرحلة الابتدائية في مسقط رأسه بمدرسه النصر بني سعيد ، حتى أكمل مرحلة الثانوية ومن ثم إلتحق في المجال العسكري بالقوى البحرية تحديداً.


*مبدأ الشهيد.. ودوره البطولي في حرب 94م المشؤومة*

في اليوم السابع من يوليو المشؤوم لعام 1994م شنت قوات المخلوع علي عبدالله صالح لقوى الشمال هجوماً لاذعاً على الجنوب بعد إصدار الفتاوى التكفيرية لإحلال دماء الجنوبيين من قبل علماء النفاق، حيث كان للشهيد دوراً كبيراً للتصدي في وجه الاحتلال التابع للجمهورية العربية اليمنية في العاصمة عدن، حيث خاض الشهيد اشرس المعارك البطولية بجانب رفقاءه كمعركة قتالية هي الأعنف من نوعها ، وكان الشهيد يحدث رفقاءه وهم في متارس القتال بأنهم لن يدخلون إلا على جثثهم ، وظل الشهيد يخوض المعركة حتى أن استشهد عددا من كان بجواره من رفقاءه وعند نفاذ ذخيرته ، فكان الشهيد قد تعرض إلى احتواء خناق من كل الاتجاهات من قبل قوات العدو، وبعد أن تم محاصرته وتشديد الخناق عليه - تم اقتياد الشهيد إلى السجن المركزي في صنعاء إلى جانب من اعتقل من زملاؤه وبقية الكوادر الجنوبية .

*إطلاق سراح الشهيد..وتهميشه كبقية الكوادر*

بعد أن تجرع الشهيد مرارة العيش في مأوى السجن المركزي في صنعاء ، وتعرضه الى مخاليب العذاب الوحشي من قبل قوى الظلام والاجرام - عاد الشهيد برفقة الكوادر الجنوبية إلى ارضهم مهمشين من قبل نظام صالح بعد أن فرض عليهم بالبقاء ساكنين آمنين في مساكنهم المعيشية، وعدم مواصلتهم في مجالهم العسكري ، وكان الشهيد من ضمن ممن تعرضوا للعقوبات المظلمة ، واقصاءهم وتهميشهم من حقوقهم الموجبة لهم، ولم يستسلم الشهيد لتلك العقوبات حين عاد و تحدى بكل عناء وصلابة لكافة تحديات الواقع ، فجاءت بعد ذلك التشكيلات المفصلية حين وجدوا من ظُلموا وتهمشوا وتعرضوا للعقوبات الجماعية، وحرُموا من حقوقهم الموجبة ليجدوا لهم طريق يسد الخنادق لقوات نظام صالح التي سلبت ونهبت وانتزعت ارضهم وعرضهم وحقوقهم ، فكانت فكرة المظلومين الجنوبيين من العسكريين المتقاعدين - تشكيل جمعية المتقاعدين العسكريين في 2007م وانطلاق أول شرارة لحركة الحراك الجنوبي السلمي المطالب بالتحرير والاستقلال وطرد كافة قوى الشمال التابعة لنظام صالح، وكان الشهيد ممن ترأس وقاد هذه الثورة المشتعله لكونه مبدأي لا يرضى أن يدوم الظلم والاستبداد على أرضه، وحين بدأت هذه الثورة كان الشهيد قد صف في مقدمة الجماهير في مدينة الضالع في تاريخ 28/8/2008م - حين تعرضت هذه المسيرة الجماهيري إلى إطلاق نار كثيف، وكان الشهيد المكلف بحماية المسيرات ، وبعد أن انتشرت قوات نظام صالح على مداخل ومخارج المدينة فسقط فيها عدد من الشهداء وأصيب بها الشهيد ثم نقل على إثرها إلى مستشفى العباس لتلقي العلاج

*وطنية الشهيد.. والعروضات التي قدمت إليه مقابل تنحيه عن هدفه*

بعد أن عاد الشهيد معافاً سالماً بإذن الله بعد تعرضه إلى إصابة بالغة اطلاقتها قوات الاحتلال اليمني "الشمالي" وهم في مسيرة سلمية مناهضه لهذا الإحتلال ، جاءت تشكيلات وتوسعات مفصلية رسمها قيادة المتقاعدين العسكريين عن ما يسمى ملتقيات "التصالح والتسامح" - حيث انتخب الشهيد رئيساً لفرع ملتقى "جحاف" - الضالع، كما كان يطلق عليه بما يسمى بمنصب"سر المحافظة" التي أطلقته عليه قيادة قوى التحرير والاستقلال ، لكونه يعمل بصمت ، وكان الشهيد يتميز بالصمت والهدوء طبيعته "لايتحدث إلا قليلاً ، وإن تحدث فالدُرُّ كلامه ، والفيصل حُكمه ، كلماته معدودة ، وصوته خافت ، ولكنه عميق الفكرة " بهذه الكلمات وصف بالقائد الصامت ،
وعندما رأوا أعماله الوطنية تراوده يوما بعد يوم قامت قيادة قوى الإحتلال لنظام صالح في الضالع، وقررت على عملية الاستقطاب لجذب الشهيد وتنحيه عن مبدأه التحرري مقابل مكافأته بأموال هائله ومنصب في السلطة التابعة لنظام صالح ، وكان رد الشهيد بكل ملئ الفم بأنه لن يزحزح عن هدف التحرير والاستقلال مهما كلفه الأمر من تضحيات إلا شهيداً

*بعض من مواقف وبطولات الشهيد الجبارة ..*

وخلال مسيرته النضالية - كان للشهيد أبا "محمد" الشجاع الصنديد مواقف شريفة و جبارة بذات حدها نتذكر منها في سبيل الذكر لا الحصر
٠ وكان أهمها سنة 2009 حين أمطرت قوات الاحتلال اليمني قذائف الدبابات والأسلحة الثقيلة من جبل الاحمرين الواقع على ضفاف م/ ردفان الشموخ وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى من المدنيين الآمنين في بيوتهم، وكان الشهيد ضمن المجموعة التي شكلت ضد هذه المدفعية التي تمطر الأهالي في ردفان بقذائفها، حين كان الشهيد من ضمن تلك المجموعة التي نجحت في تدمير هذه المدفعية بعد رسم خطة مفصليه من قبل تلك القادة الكفاحية ،
٠وعندما تم تحويط منزل الشهيد محمد فضل جباري من قبل قوات الأمن المركزي، كان الشهيد أحد المدافعين عن منزل محمد جباري والذي جعلهم يتقهقرون ، واجبرهم من الإنسحاب ،
٠وفي تاريخ 22/يونيو / 2010م تم حصار قوى الإحتلال المتمركزة في موقع القرنة ب م . جحاف ، اتت قوات الأمن المركزي وأسراب من الأطقم والدبابات لفك الحصار وتم القصف العشوائي بالدبابات والمدفعية على سكان ابناء جحاف وتتجه قواتهم بأتجاه مديرية جحاف لتغزوها ، الشهيد كانت معركتة برفقة الشهيد فارس الضالعي وعدد من رفقائه في المواقع المطلة على الدريب وتم التصدي لهم وقتل وجرح العشرات منهم وإحراق عدد من الاطقم ، وبعدما اتت قوى الإحتلال بتعزيزات كبيرة ، أصيب الشهيد في تلك المواجهة لتكون هذه الإصابة الثالثة التي يتعرض إليه الشهيد ،بعد أن تم خسرهم خسائر فاذحة عتادا وبشريا والمثل يقول "الكثرة تغلب الشجاعة في بعض الأحيان ، وتم اجتياح مديرية جحاف ، ولكنها لم تنتهي المعركة بعد في ذلك الوقت ، لتستمر المناوشات المفاجأة عليهم واقتحام مواقعهم يوما بعد يوم حتى تم إخراج آخر جندي من م . جحاف
وكانت للشهيد مواقفً بطولية كثيرة ضد الإحتلال ، لن نستطيع حصرها وندونها لا بعشرات المجلدات والمعاجم .

*اليوم المُنتظر لشهيدنا القائد..*

حاولت تلك القوى الإجرامية بكل محاولاتها التكرارية لتصفية الشهيد في كافة الطرق والأساليب ، ولكنها عجزت عن مواجهتة في الوقت الذي كانت تريده، بعد ان رأت أعماله الوطنية تراوده بأستمرار، وتجدد الصلابة الوطنية الثاغرة لروحه ومبدأه، وعند فراقه كان يوم مشؤوم مليئ بالظلام الدامس الذي اعجز و أخمد كل السراجات الضوئية عن كل شبر في أراضي الجنوب،
ونثر الحزن والصراخ الأليم بين هنا وهناك، وعمّا ذلك الرحيل عن حزن كئيب فمن كان يصرخ في بيته عليه، ومن كان ينادي عن خبر استشهاده بأكذوبة لاتصدق للحال، ومن كان يقول من ورث لنا بعده أبطالاً لم يمت ، خوفنا من أن يكون الوطن بيد الخونه، فحنت عن رحيله كل الجبال والهضاب كأنتكاسة هطلت بين الأوساط من الثوار والقادة الجنوبية بعد سماع استشهاد القائد/ محسن الهدالي، وفي ظهر يوم الأربعاء تحديداً الموافق 22/ديسمبر / 2010م ، كان الشهيد مارٍ بدراجة نارية مع رفيقة يوسف الحالمي أمام شرطة الجمروك إذ بجنود الإحتلال قد قامت بعمل كمين محكم مسبقا للشهيد ، لكونه مطلوبا لديهم ، ومن ثم قاموا بتصويب أسلحتهم تجاه الشهيد وإطلاق وابل من رصاص ورميه بقنبله يدويه ليصيب حينها الشهيد بعدة طلقات وشظايا اخترقت جسده الطاهر ،
وبعد إسعافه علمت قوى الإحتلال بأنه لا زال حياً في مستشفى التضامن يتلقى العلاج هناك ، أنطلق مدير أمن الضالع آنذاك غازي بأطقمه المدججة بالأسلحة وقاموا بالتحويط على مستشفى التضامن وقاموا بنزع الأنابيب التي كانت تغذي الشهيد حتى فارق الحياة وقاموا بخطف رفيقه الذي أصيب بجانب الشهيد يوسف الحالمي إلى عاصمة الإحتلال صنعاء ، لترتقي روحه الطاهرة إلى بارها ، بعدما عرفته ميادين وساحات المعارك والسلم ، ونخب وثوار ومناضلين ،رحل وترك خلفه حزناً يرثي الارض طوبه طوبه، وكان يوم رحيله فاجعة كبيرة اهتزت حينها جبال الضالع وشعابها بل والجنوب عامة - صرخت حينها بكل لغات الألم الذي عمّا مدن محافظات الجنوب

*لأكثر من محاولة مداهمة مخيم الشهيد..*

أقيم مخيم للشهيد القائد محسن صالح وسط مدينة الضالع وكان هناك كم هائل من البشر رفقاء الشهيد من مختلف المديريات والمحافظات ليقيموا العزاء هناك ، بعد أن ارتعبت قوى الإحتلال بتدفق وتجمع كبير في مخيم الشهيد حاولت أكثر من مرة لمداهمة مخيم الشهيد اعتقاداً منهم أن يعتقلوا أحد رهينة من أقرباء الشهيد ليتم دفنه ، ولكن قاموا رفقائة بالتصدي لقوى الإحتلال وسقط خلال تلك عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم ، وقد كانت قيادة الاحتلال في الضالع قد حاولت دفع الملايين لأسرة الشهيد بعدما قتلته من أجل دفنة دون فتح مخيم للعزاء والتشيع له، لكن محاولاتهم كلها باتت بالفشل .

*آخر وداع الشهيد.. وتشيعة إلى مقبرة الشهداء..*

بعد أن ترك وصيةً بأن يدفن في مقبرة " الشهداء " في المدينة بجانب رفقاءه الشهداء الذين سبقوه في الآونة الأولى ، وفي تاريخ 28/ ديسمبر / 2010م شيع الآلاف من أبناء الجنوب بموكب جنائزي مهيب للشهيد القائد محسن الهدالي ، انطلاقا من مستشفى النصر مرورا بشوارع مدينة الضالع حتى واله الثرى بمقبرة الشهداء بجانب رفاقه ممن سبقوه .