مثّل اجتماع عقده رئيس حلف قبائل حضرموت عمرو بن حبريش مع عدد من قيادات عسكرية وأمنية بارزة في المحافظة حضرت الاجتماع بأزيائها الرسمية وأصغت باهتمام لطروح الرجل وتوجيهاته، قفزة جديدة في مسار التعاظم السريع لمكانة الحلف وقيادته وتحوّله إلى سلطة موازية تفوق قدراتها السياسية والتنفيذية قدرات السلطة الشرعية المعترف بها دوليا.
وعمّق الاجتماع حالة التوتر القائمة في المحافظة بأن أثار حفيظة الجهات المتخوّفة من تضخم الحلف وتطوّر قدراته وتوسّع سلطاته لتشمل قدرات عسكرية بعد تحوّله إلى جهة مهيمنة على الثورات الطبيعية ومسيطرا على توزيعها وتسويقها باستخدام سلاح القبائل المنخرطة فيه، في وقت أفصح فيه عن رغبته في تشكيل قواته الخاصّة.
وبدأت قوى مثل المجلس الانتقالي الجنوبي المعني مباشرة بقضية النفوذ في حضرموت تطرح تساؤلات وتثير شكوكا حول مأتى سلطة الحلف القبلي ولامبالاة السلطة المعترف بها دوليا إزاء تضخّمها.
وظهرت مواقف القوى المتشككة في خطوات الحلف وأهدافه مجدّدا في اعتراض المنطقة العسكرية الثانية على اجتماع بن حبريش بالقيادات العسكرية والأمنية، خصوصا وأن حملة أعقبت الاجتماع وشنّتها دوائر تابعة له ومقرّبة منه ربطت الحدث بمساعي تأسيس حكم ذاتي في حضرموت والتي سبق للحلف ذاته أن أعلن عنها.
كما أعقب الاجتماع تجديد الحلف لتأكيده السيطرة على الثروات الطبيعية وذلك من خلال إعلانه الجمعة عن قرار قيادته السماح بتزويد منطقة ساحل حضرموت بكميات إضافية من مادة المازوت من شركة بترومسيلة تُخصص لتوليد الطاقة الكهربائية في تلك المنطقة، الأمر الذي يعني أن الحلف حلّ عمليا محل السلطات الرسمية في إدارة ثروات حضرموت ومواردها والتصرف فيها.
وحضر اجتماع رئيس حلف القبائل، الأوّل من نوعه مع قوات حماية حضرموت، اللواء مبارك أحمد العوبثاني قائد القوات ورئيس اللجنة الأمنية والعسكرية، حيث أعاد بن حبريش التأكيد على جعل حضرموت “طرفا مستقلا في المعادلة السياسية اليمنية بقرار سياسي وعسكري نابع من أبنائها وليس مفروضا من الخارج.”
كما وجّه بـ”ضرورة رفع الجاهزية الأمنية والعسكرية لحماية المحافظة من أيّ تهديدات إرهابية أو محاولات لزعزعة استقرارها.”
وعلّق الإعلامي المقرّب من حلف القبائل صبري بن مخاشن على الاجتماع بالقول عبر حسابه في منصة إكس “كل القيادات من ضباط وضباط صف وجنود أبناء حضرموت تقف خلف حلف قبائل حضرموت برئاسة المقدم عمر بن حبريش، وساعة الصفر ستجدهم في المقدمة دفاعا عن حضرموت لانتزاع مطالبها وحقوقها للعيش حياة كريمة،” مضيفا قوله “واهم من يعتقد غير ذلك، والأيام القادمة هي الفاصلة.”
وصدرت أبرز ردود الفعل الرافضة للاجتماع عن المنطقة العسكرية الثانية التي تمتد دائرة نشاطها على مناطق جنوب حضرموت وساحلها والتي أصدرت قيادتها بيانا حذرت فيه من خطورة أيّ تحركات أمنية أو عسكرية تتم خارج سلطة الدولة أو اجتماعات عسكرية تعقد خارج نطاق المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية.
قيادة المنطقة جدّدت في بيانها "التزام قواتها العسكرية بالحفاظ على استقرار حضرموت وتجنيبها أيّ صراعات داخلية"
ومما جاء في البيان “تؤكد قيادة المنطقة العسكرية الثانية أن أيّ اجتماع عسكري يُعقد خارج نطاق المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية في حضرموت يمثل تهديدا لوحدة قوات النخبة الحضرمية وخطوة خطيرة قد تدفع بالمحافظة نحو الفوضى والانفلات الأمني”.
وجاء أيضا “لقد تجاوزت قوات النخبة الحضرمية والأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة حضرموت مرحلة تعدد الوحدات العسكرية منذ وقت مبكر، ولن تعود إلى ذلك المسار الذي يهدّد أمن واستقرار المحافظة. وعليه نوجّه رسالة واضحة إلى جميع منتسبي القوات العسكرية والأمنية بأن أيّ اجتماعات تُعقد بالزيّ العسكري خارج إطار الدولة تُعد انتهاكا لمهام المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية التي تضطلع بمسؤوليتها الوطنية في حماية حضرموت ومقدراتها البشرية والمادية، وأيّ تحركات أمنية أو عسكرية تتم خارج سلطة الدولة الشرعية لا يمكن وصفها إلا بأنها تشكيلات خارجة عن القانون.”
وجدّدت قيادة المنطقة في بيانها “التزام قواتها العسكرية بالحفاظ على استقرار حضرموت وتجنيبها أيّ صراعات داخلية،” مؤكدة رفض “مثل هذه التصرفات التي تدعو إلى الفرقة وتهدد أعظم منجز أمني وعسكري تحقق للمحافظة والمتمثل في قوات النخبة الحضرمية،” وداعية “الجميع إلى الامتثال للدولة واحترام مؤسساتها الأمنية والعسكرية وعدم الانجرار وراء مشاريع تستهدف أمن المحافظة واستقرارها.”