قدمت مؤسسة «اليوم الثامن» للإعلام والدراسات، نظرة فاحصة وعميقة لموقف السلطة المحلية في مأرب، كما عبّر عنه عضو مجلس القيادة الرئاسي المؤقت سلطان العرادة، تجاه التطورات العسكرية والسياسية في وادي حضرموت والمهرة.
وقالت المؤسسة في تقريرها التحليلي، إن خطاب العرادة لا يعبر عن رؤية وطنية بقدر ما يعكس حالة رد فعل سياسي–عسكري على التحولات التي نقلت مركز ثقل القوة من مأرب إلى عدن منذ الثالث من ديسمبر/كانون الأول 2025، في وقت تُظهر فيه مأرب محاولة استعادة نفوذها عبر التعويل على فاعل إقليمي لم تتضح ملامح موقفه بعد.
وأكدت المؤسسة أن التحليل يوثق تحوّلًا بنيويًا في المشهد لا يمكن قراءته من زاوية إعلامية سطحية، إذ لم تعد حضرموت والمهرة مجرد ساحات تنافس، بل أصبحتا عقدة جيوسياسية تعيد توزيع موازين القوة داخل اليمن، الأمر الذي جعل موقف مأرب أقرب إلى محاولة احتواء واقع جديد أكثر منه قيادة معركة لاستعادة الدولة.
وأشار التقرير إلى أن خطاب العرادة يوظف جماعة الحوثي كشعار تعبوي يمنح شرعية نفسية وسياسية لأي تحرك عسكري باتجاه الجنوب، في حين أن القوات الإيرانية الوكيلــة لا تُعامل كتهديد أول، بل تتحول وظيفيًا إلى عنصر في هندسة خطابية تستهدف تعطيل ترتيبات القوة الجديدة في الشرق، وتحديدًا بعد سيطرة القوات الجنوبية على مواقع استراتيجية وخطوط تهريب كانت مسؤولة عن تغذية الحوثيين بالأسلحة والمعدات طوال السنوات السابقة.
ولفتت المؤسسة إلى أن دعوة العرادة لإعادة "استيعاب المنطقة العسكرية الأولى" لا يمكن تفسيرها باعتبارها إعادة تنظيم إداري، بل إعادة تشكيل ذراع قتالي للعودة إلى الوادي والمهرة، في وقت تمتنع جبهة مأرب منذ 2016 عن الدخول في مواجهة مفتوحة مع الحوثيين، تاركة الجبهة الشمالية في حالة جمود، مع تحويل الاستعدادات العسكرية نحو الشرق بدل صنعاء.
وختمت المؤسسة بأن الجنوب لم يعد مربع تفاوض بل أصبح مربع نفوذ متماسك، بينما تحولت مأرب من مربع نفوذ إلى مربع رد فعل. وهذا التحول وحده — بحسب التحليل — هو مفتاح قراءة خطاب العرادة، الذي لا يقدم رؤية وطنية يمنية بقدر ما يعبر عن محاولة سياسية–عسكرية لمواجهة واقع جيوسياسي جديد لم يعد بالإمكان الالتفاف عليه.