آخر تحديث :الأربعاء - 10 ديسمبر 2025 - 01:15 ص

كتابات


العليمي بين الصمت المريب والاعتراض الانتقائي

الأربعاء - 10 ديسمبر 2025 - 12:05 ص بتوقيت عدن

العليمي بين الصمت المريب والاعتراض الانتقائي

عبدالناصر مختار علي

كشفت الأحداث الأخيرة، وما رافقها من تصريحات، حقيقة موقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، وأظهرت تناقضًا واضحًا في التعاطي مع القضايا المصيرية المرتبطة بالأمن والدولة.


فعندما تحرّكت القوات الجنوبية لإنهاء تمرّد مسلح استمر لأكثر من عام، تمرّد رفض الاعتراف بالشرعية، وحاصر الشركات النفطية، وعطّل الاقتصاد الوطني، وأنشأ تشكيلات عسكرية خارج إطار الدولة، ومع وجود المنطقة العسكرية الاولى الغير مبرر المرفوض وجوده من قبل ابناء حضرموت، التزم العليمي صمتًا كاملًا، دون بيان أو موقف مسؤول، ودون أي إشارة إلى حرص مزعوم على الدولة أو مؤسساتها.


هذا التمرد القبلي في الهضبة دام طويلًا، وشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار، وحاصر الموارد السيادية، وعرّض حياة المواطنين لمعاناة مستمرة، ومع ذلك لم يُبدِ العليمي أي قلق على الشرعية، ولم يتحرك لوقف العبث أو فرض سلطة الدولة.


وعندما نجحت القوات الجنوبية في إنهاء التمرد، واستعادة المعسكرات في المنطقة العسكرية الأولى، خرج العليمي من خارج الوطن، ليُطلق تصريحات تحذيرية اعتبر فيها تحرّك هذه القوات باتجاه الشرق تفكيكًا للدولة وتهديدًا لمركز السيطرة، في موقف يفتقر للاتساق السياسي، ويطرح تساؤلات جدية حول معايير التعامل مع القانون، ومفهوم الدولة لدى القيادة العليا.


إن اللافت في هذا المشهد أن اعتراض العليمي لم يظهر إلا عندما تحركت القوات الجنوبية لضبط الأمن في نطاقها الجغرافي، وحماية الموارد العامة، وإنهاء حالة الفوضى، وهو ما يكشف أن القلق لم يكن يومًا على الدولة، بقدر ما كان انتقائيًا ويستند إلى حسابات سياسية ضيقة.


ما صدر لم يكن زلة لسان أو سوء تقدير عابر، بل يعكس موقفًا سياسيًا واضح المعالم، عمّق أزمة الثقة، وأكد وجود نظرة سلبية متجذّرة تجاه الجنوب وإرادة أبنائه في إدارة شؤونهم الأمنية.


ومنذ تولي رشاد العليمي رئاسة مجلس القيادة الرئاسي، شهدت البلاد تدهورًا اقتصاديًا غير مسبوق، وانهيارًا حادًا في العملة الوطنية، وضعفًا هيكليًا في مؤسسات الدولة، وغيابًا واضحة للقرار السيادي، ما زاد من معاناة المواطنين وفقدانهم الثقة بالشرعية.


إن تصريحات العليمي الأخيرة أسقطت ما تبقّى من محاولات التبرير، وكشفت الموقف الحقيقي دون مواربة، وأكدت أن استمرار هذا النهج لم يعد مقبولًا سياسيًا أو وطنيًا.