آخر تحديث :الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - 01:20 ص

اخبار وتقارير


تحرير وادي وصحراء حضرموت ..استحقاق وطني بإرادة شعبية وحسم عسكري لمكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن

الأحد - 14 ديسمبر 2025 - 11:50 م بتوقيت عدن

تحرير وادي وصحراء حضرموت ..استحقاق وطني بإرادة شعبية وحسم عسكري لمكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن

تقرير خاص

لم يكن ما جرى في وادي وصحراء حضرموت حدثًا عابرًا أو طارئًا، بل نتيجة طبيعية لتراكم طويل من الانتهاكات والجرائم وعمليات الاغتيال والاستفزازات المتواصلة، التي أنهكت المواطن في وادي وصحراء حضرموت، وضربت أمنه ومعيشته، وحوّلت الوادي إلى ساحة عبث أمني مفتوح.


هذا الواقع القاتم انتهى عند لحظة مفصلية، تمثلت في التفويض الشعبي الحضرمي الواسع لقواتنا المسلحة الجنوبية، الذي عبّر بوضوح عن إرادة جماعية لوضع حد للفوضى، والمضي نحو تحرير وادي وصحراء حضرموت من قبضة مليشيات المنطقة العسكرية الأولى التابعة لجماعة الإخوان وعناصرها الإرهابية ومنع عمليات تهريب الأسلحة لمليشيات الحوثي وتأمين الخط الدولي الذي يربط الوادي بسلطنة عمان  ، واستعادة الأمن والاستقرار.


لقد جاء هذا التفويض الشعبي تعبيرًا صريحًا عن وعي سياسي وأمني متقدم، يدرك أن استمرار الوضع السابق لم يعد مقبولًا، وأن كلفة الصمت باتت أكبر من كلفة الحسم.


ومع انطلاق عملية «المستقبل الواعد»، تجسدت معادلة جديدة على الأرض، عنوانها أن أمن حضرموت خط أحمر، وأن حماية الإنسان والأرض واجب وطني لا يقبل التأجيل.


وفي قلب هذا التحول، برز الدور المحوري لقواتنا المسلحة الجنوبية، التي راكمت خلال السنوات الماضية خبرة ميدانية واسعة في مكافحة الإرهاب، وتأمين المناطق الحساسة، وبناء نماذج ناجحة للأمن والاستقرار في عدد من محافظات الجنوب العربي.


هذه القوات لم تتحرك بدافع المغامرة، بل انطلقت من عقيدة وطنية واضحة، أساسها حماية المواطن ومكافحة الإرهاب، واحترام الإرادة الشعبية، وتنفيذ مهامها وفق حسابات عسكرية وأمنية دقيقة، تراعي خصوصية حضرموت ومكانتها.


وجاءت هذه التحركات وفقًا لتوجيهات الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي شدد في أكثر من مناسبة على أن حضرموت تمثل عمقًا استراتيجيًا للجنوب العربي، وأن أمنها واستقرارها جزء لا يتجزأ من دولة الجنوب.


وأكدت توجيهاته أن أي عمل عسكري يجب أن يكون منضبطًا ومسؤولًا، ومسنودًا بإرادة شعبية، ويهدف أولًا وأخيرًا إلى تثبيت الأمن وبناء مؤسسات قادرة على إدارة المرحلة التالية للتحرير.


*ماذا بعد عملية التحرير؟


إن التحرير، وإن كان واجبًا وضرورة، لا يمثل نهاية الطريق، بل بدايته. فالمرحلة التالية تضع الجميع أمام استحقاقات أكبر، تبدأ بتثبيت الأمن ومنع عودة الفوضى، مرورًا بإعادة تنظيم المؤسسات الأمنية والعسكرية على أسس وطنية، وانتهاءً بتهيئة الأرضية لإدارة مدنية فاعلة تستجيب لتطلعات أبناء الوادي والصحراء.


إن مشاهد الأمن والاستقرار غير المسبوقة التي بدأت مدن الوادي تشهدها اليوم، تؤكد أن الطريق الصحيح قد فُتح، وأن النتائج الإيجابية ليست وعودًا نظرية، بل واقعًا ملموسًا.


وفي بُعدٍ أوسع، لا يمكن فصل ما يجري في وادي حضرموت عن المشهد الإقليمي؛ فالجنوب، بسواحله الممتدة من المهرة إلى باب المندب، يشكل خط الدفاع الاستراتيجي عن الجزيرة العربية، واستقراره يمثل عنصر توازن أساسي لأمن الخليج والبحر الأحمر.


إن وجود قوة جنوبية منظمة وقادرة على فرض الأمن يحدّ من مخاطر الجماعات الإرهابية، ويغلق الممرات أمام مشاريع الفوضى والتدخلات الإقليمية، ويعزز أمن الملاحة الدولية في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم.


وفي هذا السياق، لم تعد عودة دولة الجنوب العربي مجرد شعار سياسي، بل خيارًا واقعيًا تفرضه معطيات الأمن والاقتصاد والجغرافيا.


فالدولة القادرة على ضبط سواحلها، وتأمين موانئها، وبناء شراكات إقليمية ودولية، ستكون عامل استقرار لا تهديد، وحزام أمان حقيقيًا لدول الجوار، وشريكًا موثوقًا في حفظ الأمن الإقليمي.


خلاصة المشهد أن تحرير الوادي كان تحدياً واجهته قواتنا المسلحة الجنوبية من خلال التظافر والتعاون والتأزر لأبناء شعبنا وذلك بتثبيت الأمن والاستقرار، والسير نحو بناء مؤسسات دولة الجنوب الحديثة.