آخر تحديث :الجمعة - 19 ديسمبر 2025 - 01:18 ص

كتابات واقلام


الديمقراطيه والتعددية التي فتحت ابواب جهنم في اليمن 

الأربعاء - 19 يوليو 2023 - الساعة 09:01 ص

قاسم عبدالرب عفيف
بقلم: قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


الديمقراطيه والتعددية التي فتحت ابواب جهنم في اليمن.
 
كانت تلك البوابة التي دخل فيها الشمال والجنوب في وحدة الحروب والصراعات وعدم الاستقرار حتى اصبح اليمن احد المراكز العالمية لتفريخ الارهاب ومن هندسوا  لتلك الالية كانوا ضحاياها فالقفز على الواقع كانت نتائجه كارثية.

عجيبه اليمن كانت كلمة ديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية  تثير الذعر بين اوساط النخبة الحاكمة في صنعاء  وحتى في عدن  قبل الوحدة بل الحزبية محرمة وفقا للدستور اليمني  في صنعاء ومن تحزب خان اما في الجنوب فكان حزب واحد جمع فيه  عدد من الاحزاب  هو القائد والموجه فالديمقراطية لديه موجهة من اعلى الى الاسفل تحت مبدأ المركزية الديمقراطية وتجربة انتخابات مجلس الشعب الاعلى مثال على ذلك حيث يصدر  قائمة  باسماء المرشحين في كل دائرة ومعروف لدى الكل ان آخر اسم هو الذي يجب ان يسقط من الانتخابات وان حدث وانتخب يتم اسقاطه فورا هكذا هي مفهوم الديمقراطية والتعددية الحزبية والسياسية  لدى النظامين في الجنوب والشمال وحتى عند انشاء الدستور الموحد وضعت صيغ غامضه كمواد تشير الى وجود ديمقراطية وتعددية  وهذه كانت هي الاسس التي اتفق عليها الطرفان بان التعددية والديمقراطية هي الحل  وكان اعتقاد كل طرف بانه الرابح دون اخذ بالاعتبار المؤثرات التاريخية والقبلية والعصبية والتي كان لها  ابرز الاثر  في ادارة بلاد توحد وهو يملك  نهجان  سياسيان  مختلفان  وادارتان  ايضا مختلفتان ناهيك عن اختلاف في الثقافات وهناك تمايز في تطور الشعبين احدهما مدني تحرر من القبلية  ولا توجد طوائف دينية بينما الآخر  لا زال مقيد بسلاسل القبيلة والموروث التاريخي الديني من خلال سيطرة طائفة على  بقية الطوائف  الاخرى.

  وفي اول تجربة انتخابية تشريعية على مستوى اليمن  انتخب الشماليون ممثلي الاحزاب الشمالية مؤتمر واصلاح في الشمال وانتخب الجنوبيون ممثلي الاشتراكي في الجنوب  وكل له مبرراته التاريخية والمجتمعية وهناك العديد من الامثلة التي تثير الضحك حيث انقلب الجميع فجأة  بعد الوحدة  الى ديمقراطيين والى قبول الراي والراي الاخر والى الاعتراف بحق الانسان ان يعيش بكرامه وذهبت الاجهزة الاعلامية تدبج المقالات والخطب الرنانه والبرامج التلفزيونية والاذاعية تبشر لعهد جديد وطي صفحة الماضي التي كانت تعتبر الديمقراطية والحزبية كفر بواح ًومن تلصق به التهمة يدخل غياهب السجون والبعض منهم لم يعد الى اهله ولا احد يعرف له اي اثر
بدات ظاهرة  الاغتيالات للمعارضين والكوادر القادمة من الجنوب تسير جنب الى جنب مع جوقة الاحتفال بالعهد الديمقراطي الجديد وتسجل  قضاياهم ضد مجهول وهكذا لا احد يحتج  مما يحري  على ارض الواقع  ولا احد حتى من المنظمات الدولية انتقد  او وجه اي راي ضد هذه الممارسات الخارجة عن القانون واصبح اليمن يسير في خطين متوازيين احدهما رسمي عبر اجهزة الاعلام الرسمية يصدح ليل نهار حول مناقب الديمقراطية والتعددية الحزبية والخط الاخر غير رسمي وسري  هو  مطاردة  المعارضين السياسيين في حواري المدن وتصفيتهم جسديا ويكون المصدر الامني جاهز لادلاء ببيان بان السبب هو الثأرات  او لسبب  مجهول وتغلق الملفات نهائيا .

هناك قيادات سياسية  لا خبرة معها غير القتل وتصفيات المعارضين وزجهم في السجون وفي نفس الوقت تجدهم  يتكلمون  عن العهد الديمقراطي الجديد الذي اصبح البلاد تنعم فيه وهو  نفس العهد الملطخ بدماء الابرياء من صناع  الكلمة والمعارضين وهناك العديد من حملة الراي قد  غيبتهم تلك الخلايا  السرية  الدموية التي كانت تنطلق من مراكز الامن بتوجيه رسمي لتصيد المعارضين العزل في الاسواق او امام منازلهم او وسط حواريهم واصبح الناس يتعايشون مع هذا النمط الجديد من العيش في ظل ذلك العهد الديمقراطي الجديد.

ومن بين مظاهر الديمقراطية لعبة الانتخابات التي  تحولت الى  مهرجانات السحر والفهلوة تجري امام عدسات التصوير والمراقبين الدوليين عملية انتخابية سلسه وتحت رقابه صارمه ولكنهم لا يدرون بان هناك صناديق اخرى قد تم الانتخاب فيها نيابة عن الجميع ويتم استبدالها اما عند فرش موائد عامرة بما لذ  وطاب من الاكل لاغواء المراقبين والمشرفين واشغالهم بالتهام تلك الوجبه الدسمة او عند نقل تلك الصناديق من الموقع الانتخابي  الى مكان الفرز وتصبح النتيجة معروفه لصالح من يكون الفوز لان اجهزة الامن هي التي تتكفل بكل هذه العملية وتقدم النتائج الاخيرة لاعلانها من قبل الجهات المدنية المخولة بالاعلان
الديمقراطيه بمفهومها الثقافي والحضاري هي نتيجة لتطور الوعي الجمعي المدني للمجتمعات ووصولها الى مرحلة النضج السياسي ولضمان سيرها في الخط الصحيح تبنى المؤسسات الديمقراطية من مجلس نواب يكون الراعي للعملية السياسية الناشئة مع وجود قضاء مستقل ونيابات عامة مستقلة تؤدي دورها جنب الى جنب مع اجهزة حماية الشرعية  الاخرى مثل الشرطة واجهزة الامن لكن كل تلك الاجهزة هي نفس الاجهزة باشخاصها الذي كانوا يطاردون السياسيين  المعارضين ويزجونهم  في غياهب السجون وما استجد الا تشكيل خلايا امنية لتصفية المعارضين السياسيين الذين يرونهم خطر على نظامهم السياسي .

معظم تلك التصفيات وجهت ضد القادمين من الجنوب وضد المعارضين السياسيين لنظام صنعاء وقد تشكلت لجان لهذا الغرض بكون فيها عناصر الجهاديين الافغان حجر الزاوية في تنفيذ تلك الاغتيالات بحجة ان الجنوبيين شيوعيين  وجب  تصفيتهم جسديا  عبر فتاوى تصدر من قبل ما يسمون انفسهم علماء اليمن وكانت الفتوى الشهيره  للديلمي  في السماح لقتل الجنوبيين لانهم كفره خرجوا عن طاعة ولي الامر ورفضهم للوحدة الظالمة ومثل هذا  الامر استمر حتى ايام الحراك السلمي حيث تم احياء تلك اللجنة واستدعاء المجاهدين الافغان لكي ينفذوا اغتيالات ضد النشطاء الجنوبيين وقد تعرض الالاف من الجنوبيين للتصفية  الجسدية اما اثناء الاعتصامات في الساحات او يتم ترصدهم في الحواري والشوارع ولم يتغير الامر حتى عند مجيىء رئيس حنوبي غير  تغيير مكان الاصابه بدل الصدر والراس تكون  في امرجول  حسب تعبيره .

    انتهت اليمن  في اخر المطاف  ان دخل حرب طاحنة جذب  قوى اقليمية تتصارع على النفوذ حيث انقلبت خارطة النفوذ راسا على عقب انتهت القبيلة في الشمال واصبحت تحت راية السيد  وتبخرت الاحزاب منها من ظل تحت راية السيد في صنعاء ومنهم من ذهب ليبيع مواقفه ليقتات بها مع من يدفع اكثر وارتمى في احضان الشرعية  ولم يصمد  امام  المتغيرات والعواصف غير شعب الجنوب الذي اختط طريق المقاومة وقدم التضحيات لتحرير ارضه  ومع كل ذلك واجه  الجنوب الكثير من المتاعب منها الحصار  والتجويع وتعطيل الخدمات الاساسية ونشر الارهاب لكسر  انتصاره  ومعاقبة  الحاضنة الشعبية الجنوبية لتتخلى  عن تطلعاتها في استعادة الدوله الجنوبية .

اليوم وبعد ان جرت مياه كثيرة في النهر لم تعد الديمقراطية والتعددية تصلح في اليمن فقد ذهب الجميع يبحث عن طريقه لكي يثبت توجهه فايران قدرت تحكم سيطرتها على مليشيا الحوثي الذي اصبح اداة لتنفيذ الاجندات  الايرانيه في المنطقه اما البقية فهم  كحاطبي ليل لا يميزون فيما يجمعون من حطب في الليل المظلم  وتداخلت  امور اخرى لا علاقه له بالحطب  اطلاقاً وتجدهم لم يرسوا  على بر يخبطون  خبط عشواء حتى اصبح الناس في حالة من الهستيريا لان حاطبي  الليل يمارسون الحصار والتنكيل لكي يخضعوا شعب الجنوب المنتصر  ولكن حتى اللحظة شعب الجنوب صامد ولديه القدرة على التمييز بين الغث والسمين.
 
   ومن نوازل  القدر ان تحول الانقلابي الى امر واقع يتعامل معه العالم والاقليم باحترام او خوف لا فرق  بينما  المنتصر الشعب الجنوبي  يتعرض للاذلال والتجويع والحصار ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر ولا حولا ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
قاسم عبدالرب العفيف
18/7/2023