آخر تحديث :الإثنين - 06 مايو 2024 - 10:56 م

كتابات واقلام


العلاقة بين اغتيال الإمامين ( يحيى حميد الدين' وحسن البنا)

الإثنين - 09 أكتوبر 2023 - الساعة 08:46 ص

د.صبري عفيف العلوي
بقلم: د.صبري عفيف العلوي - ارشيف الكاتب


هناك أحداث تكن في ذاكرة النسيان، لكن الأيام والسنون تكشفها، لتصبح تاريخا للقراءة والاستفادة من العبر.

في مطلع القرن العشرين تأسست حركة الأخوان المسلمين في العالم العربي على يد الأمام حسن البنا، حيث وجد ارض رخوة تساعده ان يتقرب من صانعي القرار العربي حينها وحاول كسب ودهم عبر استخدام الدين وسيلة للوصول إلى مشروعه السياسي، لكن الأنظمة الملكية في مصر والعراق واليمن والسعودية والاردن...وغيرها حينها كانت أكثر تمسكا بالنظم الملكية، نبتت فكرة التنظيم الدولي للاخوان في مصر لكنه لم يجد ارضا رخوة لتنفيذ مخططة السياسي،. فقرر أن يكون اليمن المحطة الأولى لهذا المشروع لعدة أسباب ومبررات أبرزها:
1-
رأى حسن البنا أن أرض اليمن ممهدة انتشار دعوة الإخوان وتحقيق أهدافها.

2 - أن اليمن طوال التاريخ ظل ملاذا للمعارضين لبعد اليمن عن مركز الخلافة التي غالبا ما تتعرض
للاضطهاد في دولها.
3 - طبيعة اليمن الجغرافية لاسيما المناطق الجبلية الوعرة، وعدم خضوع قبائله
للحكام بسهولة.

4 - خلوه من الأقليات الدينية المؤثرة، التي تعد من العوامل المساعدة على نجاح دعوة جماعة الإخوان.

5- لا يوجد في اليمن قوانين غير قوانين الشريعة الإسلامية، ولا سلطان للاستعمار عليه.

وفي ظل تلك المؤشرات؛ نظر الإخوان المسلمون إلى اليمن بحكم مكانتها وتجربتها.

فقررت الحركة دعم المعارضة اليمنية ضد نظام الأئمة منذ عام 1928 بطريقة غير مباشرة من خلال التدريب والتثقيف والتعليم والبعثات فأصبحت اليمن حقلا لحركة الإخوان حتى 1945م أحست قيادة التنظيم أن الحركة بدأت تنضج فبدأت تخطط للانقلاب ضد الأمام يحيى حميد الدين وولي عهده.

ففي عام 48 رسمت الخطة الانقلابية بإحكام وتعد تلك المحاولة الانقلابية الأولى في الساحة العربية بعد الحرب العالمية الثانية 1939-1945 وبالرغم من أن
نظام الحكم في اليمن شيعي زيدي غير أن فكر الإخوان المسلمين التكفيري تبنى مجموعة من القيادات ليس لهم وعي كامل بمتطلبات الانقلاب، لكونه يعد الأول في تاريخ اليمن الحديث ،لم يكن ذلك الانقلاب يمني خالص، بل كانت حركة الإخوان في مصر والجزائر والعراق هي المخطط الرئيس لذلك الانقلاب.

وضعت الخطة السرية من قبل مجموعة من أعضاء الإخوان العرب وهما جميل جمال ضابط أمني الجنسية عراقي و
الفضيل الورتالني مبعوث حسن البنا الخاص، من أصل جزائري وحسين الكبسي أحد مستشاري الإمام يحيى، وأحمد بن احمد المطاع، ورفاقهم، وانطلقت رسلهم تحمل المعلومات إلى تعز والى عدن والى حسن
البنا في القاهرة، وانتهت الاتصالات بضرورة إنهاء رأس الحكم في اليمن وليس هناك وقت لانتظار موته،. فخطط لقتل الأمام يحيى في صنعاء وولي عهده احمد في تعز ، بعد أن اجمع فتوى دينية تجيز قتل الإمام وكل معاونيه وهذا المنهج التكفيري كان المسلك لتلك الحركة حتى اللحظة.

وفي ضوء ذلك شكلت الحكومة، ونص على أعضائها، ووضع دستورها (الميثاق
الوطني المقدس) الذي ارسلت نسخة منه بخط احمد الشامي إلى محمد محمود الزبيري
واحمد محمد النعمان بعدن، ليطبع منه عدد كبير وتحفظ في سرية في عدن.

نجح المنفذون في اغتيال الآمام يحيى في صنعاء، بينما فشلت خطة اغتيال ولي العهد في تعز.

وبعد الاغتيال ومحاولة الاغتيال مباشرة أعلن الإخوان المسلمون تأييدهم لهذه العملية وذهبوا للمباركة والحشد لتأييد في مصر والعراق وسوريا يحركون عناصرهم لمطالبة دول الجامعة العربية بالاعتراف بعبد الله بن احمد الوزير وحكومته. وأبرق حسن البنا للإمام عبدالله بن الوزير الجديد برقية تهنئة، واذيعت برقيته من إذاعة صنعاء.
ومن الجدير بالذكر أن منفذي قتل الإمام يحيى كانوا يستقلون أحدى سيارات شركة الفضيل الورتالني التي هيأها لهم علي السنيدار ومحمد الكبوس.

واختاروا أحد أعضاء البعثة التعليمية المصرية في اليمن من جماعة الإخوان لنشر أخبار الثورة، وهو مصطفى الشكعة مديرا للإذاعة في صنعاء الذي جعلها تعمل أربع ساعات يوميا،.بالإضافة لذلك ارسلت عدد من البعثات الإخوانية كان أخر بعثة مصرية أرسلت إلى اليمن بناء على اتفاق مسبق تم بين حسن البنا والبدر
محمد عندما كان الأخير في مصر للعلاج، ووصلت البعثة
ً في التخصصات المختلفة وأرسلت على دفعتين، وزعت الدفعة الاولى في صنعاء، والثانية وزعت في المحافظات الأخرى
ونشرت صحيفة الإخوان المسلمين نص الميثاق الوطني للحكومة الدستورية الجديدة معلنة أنها تنفرد بهذا النشر في مصر وحدها بل في
باليمن في 20 شباط 1948.

وهذا دليل واضح على وجود الميثاق الوطني المقدس لدى الإخوان المسلمين في
القاهرة، وأن ما ذكره الورتالني كان صحيحا بأن الجماعة شاركت في اعداد الميثاق.

نشرت إحدى الصحف المصرية في 21 شباط 1948 في صفحتها الاولى:الحكومة اليمنية الجديدة تدعو الشيخ حسن البنا لزيارتها لاستشارته وذكرت أن الكبسي ارسل برقية قال فيها : ارجو تفضلكم بوصولكم ومن تستحسنون حضوره من رجال الحكومات
العربية، وعباقرة رجالها مثل الأستاذ البنا ومن ترون.

وفي أطار مساعي الإخوان المسلمين لتدعيم الانقلاب ومساندته، قرر مكتب الإرشاد
إيفاد وفد إلى اليمن برئاسة حسن البنا أربعة أعضاء يختارهم البنا بنفسه.

وتحرك الإمام احمد في محاصرة الانقلاب الإخواني وتواصل ببرقية مع الملك سعود قائلا أنا ابنك أن ارت أن تكون لي أبا، هذه الانقلابات لن تقف عند حد اليمن بل ستلتهم الممالك العربية كلها، أرسل له الدعم الكافي وكذلك تحرك ملك الاردن وثأر الملك فاروق مستنكرا هذه الاغتيال. أصدر قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين في مصر ومنع حسن البنا من السفر إلى اليمن،. وسقط الانقلابيون وتحاصروا جميعهم، في صنعاء وبعد تدخلات كبيرة تم الإفراج عن بعض أعضاء التنظيم بينما، إعدام مخططي الانقلاب.

وبعد عام واحد فقط من مقتل الإمام يحيى بن حميد الدين قتل حسن البنا في الشهر نفسه 12 شباط 1949م.

والسؤال المطروح ما علاقة ومقتل حسن البنا بمقتل الامام يحيى لاسيما أن الأحداث التي وقعت في اليمن كان البنا هو، زعيمها ومخططها وهناك من يرى أن هناك صلة بين حادث البنا والحوادث
الدامية التي وقعت في اليمن
وقد أعلنت الحكومة المصرية صراحة أن الاخوان ساهموا في اغتيال الإمام يحيى، لتأكيد أن قتلة حسن البنا من اليمنيين، وأن للامام احمد يد في مقتله.
ونتيجة للدور الذي قام به الضباط العراقيون المنتمين لحركة الإخوان في ثورة ،1948 فلم ترسل اليمن أية
بعثة إلى العراق وتوجهت ألى مصر ولبنان.

وتكريما لهذا الانتصار حول الأمام أحمد أسم المملكة من المملكة المتوكلية الهاشمية إلى المملكة المتوكلية اليمنية،. ويعد أول تسمية سياسية لليمن.

ملاحظة:
للتوسع أكثر في هذا الموضوع ينظر: وجـدان كارون فريـح، دور الاخـوان المسـلمين فـي المعارضـة اليمنيـة ،1929-1947 مجلـة وميـض الفكـر،
العـدد10 اذار لعام 2012م

العاصمة السياسية عدن
10 اكتوبر 2023م