آخر تحديث :الخميس - 02 مايو 2024 - 11:48 ص

كتابات واقلام


غزة العزة والمعجزة والانجاز

الأحد - 22 أكتوبر 2023 - الساعة 06:27 م

د. عبده يحي الدباني
بقلم: د. عبده يحي الدباني - ارشيف الكاتب


غزة وما أدراك ما غزة ، إن لها من اسمها نصيبا وانه ليشبهها اسمها ، فحتى صوت الكلمة فيه أزيز ؛
أزيز صواريخها ومدفعيتها الباسلة،
وانها تجانس العزة والمعجزة والانجاز صوتا ومعنى .
إن الذي حدث في غزة مؤخرا من هجوم كاسح على العدو الإسرائيلي في عقر داره وفي عاصمته المغتصبة ، لم نجد له اسما مناسبا في المعاجم ونجد أنفسنا مسلمين وراضين عن الاسم الذي سماه به آباؤه الميامين ، ألا وهو (طوفان الأقصى) .
فبورك في المضاف وفي المضاف إليه الذي بارك الله حوله ، والله أعلم حيث يجعل رسالته وبقاعه المقدسة.
ما حدث لم يكن أمرا اعتياديا بل كان خارقا للعادة عبر التاريخ ، ولكننا في فلسطين الاستثناء في فلسطين أرض المعراج ، في فلسطين التحدي والرمز إلى يوم الدين. فما أقوى صاحب الحق وما أعظمه حين يستشعر كل ذلك الحق وما أحلى العزة بعد المرارة !
إن هذا الحدث سوف يُدرّس في كل جامعات العالم ، في علوم الحروب وفنونها وفي علم الجيوش وإعدادها.
ولا شك أن هناك تدخلا إلهيا فيما حدث ، ولكن بعد أن عمل الأحرار بالأسباب فالله ينصر من ينصره
(وأن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) .
لقد خذل أهل الأرض أهل غزة ولكن (رحمة الله قريب من المحسنين) ، لقد صدقت النوايا فصدق الله وعده وعهده وما زالت الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت مهما كانت ردود أفعال العدو الهستيرية والبربرية فهي دليل ضعف وليس دليل قوة .
ومهما يكن الخذلان من قبل المنافقين العرب وغيرهم فإن شعب فلسطين الباسل لن يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم كما وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا الحدث له ما بعده !
فهو بداية النهاية لإسرائيل المغتصبة
لثالث الحرمين الشريفين أرض فلسطين العربية الحرة ،فهي تطلب التوسع لتنحسر مستوطناتها فيه فتخليها اليوم واحدة بعد أخرى أمام الزحف الفلسطيني الجبار وما اسرائيل الكبرى إلا كذبة من كذبات الصهيونية الكثيرة.
فلسطين وما أدراك ما فلسطين إنها ترمومتر الأمة الإسلامية ، فمتى ما كانت عزيزة كانت الأمة عزيزة ، ومتى ما كانت في يد الآخرين من أعداء الأمة تكون الأمة ذليلة ومنكسرة فهي بوصلة الأمة ، ولكن الله سلط أهل فلسطين على يهود وما جمعهم الله هناك وجاء بهم لفيفا إلا كي يعذبوا على يد أهل فلسطين الأحرار الأبرار مهما اثخنت جراحهم فإن الجنة موعدهم والنصر ثمرة جهادهم .
الجهاد سنام الإسلام مثلما ان الصلاة عموده ، والسنام رمز الشرف والكبرياء والكرامة فهو عال ، وما أرى فلسطين الا هذا السنام، فلسطين هي التحدي وهي الرهان ، فلسطين سنام الجغرافيا الإسلامية وسنام التاريخ أيضا ، فهي عنوان العزة والإباء والكرامة .

لقد ذكرنا ما حدث بالاحداث الجليلة في فجر التاريخ الاسلامي في القوة والتخطيط والغلبة وروح التخطيط والتلاحم والعمل بالاسباب ونصرة السماء وحقا لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها _ كما قال أحد السلف.
قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)
إن هذه إسرائيل فتنة زرعها الغرب في خاصرتنا ، ولكنها أيضا ابتلاء من الله وامتحان لهذه الأمة ، وهي كما ذكرت البوصلة والترمومتر الذي يحدد تمكين الأمة من عدم تمكينها ، وظهور نجمها أو أفوله وانحساره ، إنها ساعة كبيرة تقاس بها الكرامة والعزة الإسلامية ، فما على الأمة اليوم أن تفعل أمام هذا التحدي والابتلاء والامتحان وهذا الشرف الذي ينتظر اهله كذلك ؟

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم.

على الأمة أن تنهض إلى مستوى التحدي ..إلى مستوى الأمانة التاريخية والرسالة الخالدة شعوبا وحكومات وحتى أفرادا في مواجهة إسرائيل ومن خلفها ومن يدعمها ، فالمطلوب هو رأس الأمة وليس فلسطين فحسب ،فلسطين هي بوابة إما إلى العزة والكرامة وإما إلى الاحتلال والذل والانكسار .

د عبده يحيى الدباني