آخر تحديث :الثلاثاء - 24 يونيو 2025 - 10:19 م

كتابات واقلام


السعادة ام الاستمتاع

الإثنين - 19 مايو 2025 - الساعة 03:18 م

حسين أحمد الكلدي
بقلم: حسين أحمد الكلدي - ارشيف الكاتب


السعادة من أجمل المفاهيم التي يقضي الإنسان عمره في البحث عنها. ويحب الناس سماع الدعاء بالسعادة من غيرهم، سواء كانوا أبناءً أو أصدقاءً، فالجميع يسعى لتحقيق هذا المفهوم . لكن السعادة تختلف من شخص لآخر، فهي مصطلح شامل يحمل في طياته مشاعر إيجابية تنبع من أعماق القلب وتعبّر عن القبول بالذات. السعادة حالة روحية داخلية، نابعة من العمق، متكررة، وتستمر رغم التحديات والظروف الصعبة، لأنها مرتبطة بالقناعة والرضا. إنها تنبع من القيم والعلاقات العميقة، ومن الامتنان والطمأنينة، وتتناغم مع النفس والضمير، وتجسّد حالة الإنسان الكامل الذي تجاوز المتعة الآنية إلى العمق الروحي. فالسعادة نبع داخلي لا ينضب، وهي ليست لحظات فرح عابرة، بل عملية مستمرة مدى الحياة تهدف إلى تحقيق السلام الداخلي، وراحة البال، ورضا القلب، والتطلع إلى النعيم الأبدي في الآخرة. ولم يرد لفظ "السعادة" في القرآن الكريم إلا في موضع واحد، قال تعالى:
"وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها"
وهذا يدل على أن السعادة الحقيقية تنبع من الداخل، وتُبنى على أسس روحية وقيمية، وهي قرار يصنعه الإنسان بإرادته. فالعطاء والتسامح من أبرز مفاتيح السعادة، فهناك كثير من الناس يمتلكون كل مظاهر المتعة من سيارات فاخرة، وأموال، وجاه، ومع ذلك لا يشعرون بالسعادة أو البهجة في داخلهم.
أما الاستمتاع، فهو شعور لحظي وحالة مؤقتة ناتجة عن تمتع الحواس بشيء مادي، كوجبة طعام فاخرة، أو شراء سيارة جديدة او بيت جديد أو رحلة مع صديق، أو شرب كوب من القهوة في مكان تحس فيه بالراحة. هذه الأشياء تجعل الحياة أجمل، لكنها لا تدوم، فهي سريعة الزوال. المتعة لحظية، وغريزية، يعيشها الإنسان غالبًا بمفرده، وقد يحصل عليها من سلوكيات يومية آنية ممتعة. لكن الإفراط في البحث عنها قد يؤدي إلى الإدمان السلوكي أو الكيميائي، واضطرابات مزاجية حادة. فالاستمتاع يتأثر بالموقف والزمان والمكان، وهو شعور خارجي ينتهي بانتهاء تلك اللحظة فالمتع اللحظية كثيرة، وتنتج من وجود الأصدقاء الأعزاء، أو من جلسات الاندماج في ملذات الحياة أو أثناء السفر، أو حضور المناسبات. كل هذا يمثل الاستمتاع، رغم روعة تلك اللحظات الا انها تظل شعورا موقتا ولا يدوم، وسريع الزوال.


19/5/2025