آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 01:31 ص

كتابات واقلام


شتان بين العشر النوفمبرية الاولى ١٩٦٧ - ١٩٧٧م والثانية ٢٠١٥ - ٢٠٢٥م

الأحد - 16 نوفمبر 2025 - الساعة 08:06 م

جمال مسعود علي
بقلم: جمال مسعود علي - ارشيف الكاتب


يكتبه جمال مسعود علي

في الثلاثين من نوفمبر ١٩٦٧م خرج آخر جندي بريطاني من عدن ومرور ١٢٩ عام من الاستعمار واعلن بالاستقلال الوطني عهد جديد وولادة جمهورية مستقلة ذات سيادة في جنوب الجزيرة العربية اخذت كل الاستحقاقات القانونية كدولة في المنطقة وجزء منها وعضو في تشكيلاتها الإقليمية والدولية.

الذكريات النوفمبرية للاستقلال الاول كانت تتجدد عام بعد عام وتسابق الزمن مع البناء والتنمية والتقدم والازدهار ، عام بعد عام ونوفمبر الاول شاهد على انطلاق جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية رغم الإخفاقات والصراعات السياسية إلا أنه ظل ذكرى خالدة في وجدان الأجيال ، عشر سنوات نوفمبرية من التحرير والاستقلال الاول من الاستعمار البريطاني ١٩٦٧ - ١٩٧٧م تزينت بانجازات وطنية في البناء والتنمية والنهضة في التعليم والصحة والبناء والتشييد والطرقات وبناء المصانع وإستصلاح المزارع وإنجاز مشاريع البنية التحتية وفرص العمل ، عشر سنوات انتقلت فيها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عهد الاستعمار إلى عهد الحرية والسيادة الوطنية بمستوى رفيع مدنيا وأمنيا وعسكريا على مستوى المنطقة والاقليم.

جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لم تدم طويلا فعادت لعهد الاحتلال من جديد عندما اجتاحت جحافل التحالف اليمني ضد الجنوب في ٧ يوليو ١٩٩٤م العاصمة عدن ، وقضت على كل الانجازات النوفمبرية الاولى وحولت الدولة الجريحة إلى غنيمة حرب واهلها إلى عاطلين عن العمل ومؤسساتها إلى حطام واطلال لابواكي لها.

قاوم شعب الجنوب قوى الاحتلال اليمني ورفض الاستمرار في وحدة الضم والالحاق ومصادرة الحقوق وإحلال اليمني محل الجنوبي في كل المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية فخرج إلى الساحات معلنا رفضه وحدة الضم ، وإعلان رغبته ومطالبته بفك الارتباط عن اليمننة في كل شي وحمل السلاح يدافع عن عقيدته وكرامته وكبريائه في وجه النسخة الثانية من الاحتلال اليمني الغاشم بصيغة طائفية حوثية عفاشية فأستبسل في الدفاع عن كرامته ليعيد مجددا ذكريات التحرير والاستقلال وان كان غير معلنا سياسيا لكنه فرض نفسه على أرض الواقع بطرد آخر جندي حوثي عفاشي من عدن في السابع والعشرين من رمضان واعلان تحريرها.

فرق شاسع بين المنجزات الوطنية مابين العشر النوفمبرية الاولى للاستقلال من المستعمر البريطاني ١٩٦٧ - ١٩٧٧م ، وبين العشر النوفمبرية الثانية للاستقلال غير المعلن من الاحتلال اليمني ٢٠١٥ - ٢٠٢٥م ، ولا وجه للمقارنة بينهما ، فأثار التحرير من الاحتلال اليمني لم تختفي وظلت عالقة في جدران الزمن لعشر سنوات أعاقت كل القدرات الذاتية للجنوبيين في الانطلاق نحو البناء والتنمية ونهضة الوطن وازدهاره فظل الجنوب متعثرا عشر سنوات من بعد التحرير بل تراجع خطوات وخطوات إلى الوراء وفرضت عليه إجراءات نزع اليمننة من جدرانه وأركانه الاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية أن يجري عمليات جراحية خطرة جدا لم يسمح له باجراءها بسبب المشاورات مع الأشقاء والأصدقاء والحلفاء الاستراتيجيين الذين قيدوه بتعهدات واتفاقيات أشبه بالطوق حول العنق ، جعلوه مربوط بها لا يستطيع أن يتحرك بحرية أو ينطلق بمواقف ذاتية مستقلة في تقرير المصير واتخاذ القرار الجنوبي بمعزل عن الجميع.

عشر سنوات من بعد تحرير عدن من سيطرة الحوثيين والعفاشيين وعدن لازالت تحت التهديدات المباشرة من قبلهم اقتصاديا وأمنيا ، خرجوا من عدن وتركوا ادواتهم ومعداتهم بيد وكلاء ينوبون عنهم متخفين بلباس تنكري يكشف العمل الأمني والاستخباراتي الجنوبي بين الفينة والأخرى حفلات تنكرية من بعض الشركاء السياسيين أو من متسللين عسكريين بزي النساء أو ببعض المهتمين بالعمل المدني والناشطين والنشاطات أو بالعمل الانساني تحت مسمى النزوح واللجوء والهجرة والهروب من أجواء الحروب.

عشر سنوات من الهدم والتقويض للمنجزات الوطنية وتخريب المنشآت والتضييق على شعب الجنوب في سبل الحياة ومنازعته في استحقاقاته الوطنية ومحاربته في قوته ومصادر دخله ومنعه من تحريك عجلة التنمية وإنعاش الاقتصاد الجنوبي فارضين عليه وبغير وجه حق الحصار التام وبطرق مخفية غير معلنة حالت دون وصول الإمدادات لمصادر الطاقة وايرادات النشاط الاقتصادي لتطبيع الحياة العامة في عدن ومحافظات الجنوب وتجبره على العيش في اسوأ عهد زمني في تاريخه حقدا وكراهية وتعسفا.

عشر سنوات من الاستقلال الوطني الأول ١٩٦٧ - ١٩٧٧م نقلت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلى مصاف الدول السالكة طريق التنمية والتقدم والازدهار ، وعشر سنوات من الاستقلال الثاني من الاحتلال اليمني والاستقلال الغير معلن ٢٠١٥ - ٢٠٢٥م أعادت الجنوب إلى عهود التخلف يبحث عن انجازات نوفمبرية تحققت منذ الاستقلال الاول في الاحتياجات الخمسة ( الكهرباء والماء والتعليم والصحة والطريق ) عبر وسائل الدعم المتنوعة والجري خلف الحلفاء والشركاء مقيدا بتعهدات واتفاقيات لم ولن تسمح له بتشغيل القدرات الاقتصادية وتحريك عجلة التنمية ودوران النشاط التجاري واستثمار الطاقات والإمكانيات مربوطا في ركن الزاوية بانتظار القرار الدولي بشأن الحل النهائي للأزمة اليمنية واستعادة الدولة بتطبيق مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والقرار الدولي ٢٢١٦م الذي صدر قبل العشر سنوات النوفمبرية التي منعت الاستقلال الوطني الثاني للجنوب.