آخر تحديث :الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - 09:32 م

كتابات واقلام


لماذا تُسلَّم راية النصر إلى قوات درع الوطن؟

الجمعة - 05 ديسمبر 2025 - الساعة 08:49 م

جهاد جوهر
بقلم: جهاد جوهر - ارشيف الكاتب


منذ انطلاق ثورة الحراك السلمي، قدّم شعب الجنوب العربي قوافل من التضحيات، وسالت دماء الشهداء في كل ساحات النضال لأجل إيصال رسالة واضحة للعالم: مشروع فك الارتباط واستعادة الدولة حقٌّ لا يمكن دفنه. وبرغم وضوح هذه الرؤية الوطنية، ظلّت الحسابات الإقليمية والمصالح الضيقة أقوى من صوت الشعب وإرادته.

واليوم، بينما تخوض قواتنا الجنوبية معركة وجودية في حضرموت والمهرة ضد قوات الاحتلال اليمني، يُفترض أن تكون هذه اللحظة فرصة لتثبيت مشروع التحرير والاستقلال. لكن ما يجري على الأرض لا ينسجم دائمًا مع هذا المسار. فالمخرج الإقليمي يبدو وكأنه يسير في اتجاه مختلف عن تطلعات الجنوبيين، رغم البطولات التي تسطرها وحدات المجلس الانتقالي على خطوط المواجهة.

قد يظن البعض من أبناء الجنوب أن في هذا الطرح خروجًا عن السرب، أو تشكيكًا في وطنية جنود قوات درع الوطن. لكن القضية أعمق من هذا الانطباع السريع؛ فالسؤال الذي يفرض نفسه، ويدور في أذهان الكثيرين، هو: لماذا تُطلَب من القوات الموالية للمجلس، بعد تحقيق الانتصارات وتحرير المواقع، أن تسلّم تلك المواقع لقوات درع الوطن؟

هل لأن درع الوطن قوات جنوبية أيضًا وتعمل وفق الهدف ذاته، وهو استعادة الدولة؟ أم أن خلف هذا الترتيب نوايا وتوجهات مختلفة، تشبه إلى حدٍّ ما ما جرى في حرب صيف 1994، حين استُدرج بعض القادة بالتواصلات والوعود، فأسلموا البلاد في مزادٍ سياسي لا يزال الجنوب يدفع ثمنه حتى اليوم؟

إن الجنوبيين لا يعادون أبناء جلدتهم، لكنهم يخشون تكرار السيناريوهات التي أضاعت الوطن. لذلك فإن التساؤل مشروع، والريبة مبررة، والمصارحة واجبة.

فالقضية ليست صراع ألوية ولا منافسة قوى، بل معركة مصير وطن. ومن يحمل راية النصر، يجب أن يكون حاملًا أيضًا لراية المشروع الجنوبي، واضحًا في توجهه، لا تُحركه الأجندات ولا تقيّده المصالح العابرة.