آخر تحديث :الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - 09:31 م

كتابات واقلام


حرب الخدمات لن تكسر إرادة الجنوب

الثلاثاء - 09 ديسمبر 2025 - الساعة 07:32 م

محمد عبدالله المارم
بقلم: محمد عبدالله المارم - ارشيف الكاتب


شعب الجنوب لا يعرف التراجع ولا يبدّل موقفه حين تشتد العواصف. واجه الرصاص بثبات، ووقف أمام الدبابات بصدور صلبة وإصرار لا يلين. سنوات طويلة من المعاناة والحروب القذرة لم تكسر إرادته، بل زادته صلابة وغرست فيه يقينًا بأن الحلم الجنوبي لا يسقط مهما اشتدت المحن.

لم يكن صمود الجنوبيين حدثًا مفاجئًا أو ردة فعل عابرة، بل كان موقفًا متجذرًا في وعيهم الجمعي منذ اللحظة الأولى؛ لحظة أدركوا فيها أن الحرية تستحق كل ما يُقدّم في سبيلها. كل مرحلة مر بها الجنوب كانت امتحانًا قاسيًا، وخرج منها أبناؤه أكثر قوة وتصميمًا، بعدما فشلت الاغتيالات والتجويع وحرب الخدمات والإقصاء والفوضى في حرف مسارهم أو زعزعة قناعاتهم.

الجنوبي الذي تمسّك بحقه لم يفعل ذلك بشعار أو عاطفة، بل بإيمان راسخ بأن استعادة الدولة قضية وجود وكرامة وهوية لا تُساوم. ومن يظن أن هذا الشعب يمكن أن يتراجع بعد كل ما تحمّل، فهو لم يقرأ تاريخه جيدًا، ولم يدرك طبيعة رجاله ونسائه الذين يصنعون الصبر بقدر ما يصنعون الكبرياء.

مشروع الدولة الجنوبية لم يولد صدفة، بل خرج من رحم الألم الطويل وسردية نضال متراكمة لا يستطيع أحد أن يمحوها. ولهذا يمضي أبناء الجنوب في طريقهم بثقة، لا تهزهم الحملات ولا تربكهم التحولات، لأنهم يعرفون جيدًا أن الحق الذي دفعوا ثمنه لن يكون قابلاً للتنازل، وأن المستقبل الذي اختاروه لن يكتبه سواهم.

واليوم، وبعد أن أصبح الجنوب يسيطر على محافظاته كاملًا ويقترب من إعلان دولته، يثبت شعبه أن حرب الخدمات لن تكسر إرادته، وأن المسار الذي بدأه بدمائه وصبره لن يستطيع أحد أن يعطله مهما اشتدت الضغوط واشتعلت التحديات.

هذا الشعب حدّد طريقه، ورسم ملامح مصيره بيده، ولن يسمح لأحد أن يكتب عنه رواية أخرى غير تلك التي يخطّها بتضحياته وإرادته.

#محمد_عبدالله_المارم_القميشي