آخر تحديث :الخميس - 25 أبريل 2024 - 12:25 م

كتابات


هذا "المشهور" الذي نحب

الأربعاء - 03 أغسطس 2022 - 11:10 ص بتوقيت عدن

هذا "المشهور" الذي نحب

كتبه/ عبد الله حسين السوادي


في عصر الغثاء، و مشاهير الغثاء والخواء، أقول لراحلنا الكبير العلامة الحبيب "أبو بكر" المشهور:

أن تجتمع قلوب الناس حولك عقب وفاتك، من كل حدب وصوب، والجميع يلهج بالدعاء لك، و التعبير عن ألم الفقد لرحيلك.
ويشيعك بحر من البشر إلى مثواك الأخير، فهذا مظهر محبة أهل الأرض، فكيف بمظهر محبة أهل السماء، وعالم الروح الذي يطرب لقدوم روح زكية؟

لذلك ما السر الذي بينك وبين الله حتى يجول ذكر وفاتك انحاء البلاد؟ و تبكيك العباد؟
ما هو السر الذي أجرى الدموع، و أنطق ألسن الأدباء والخطباء، و الوجهاء والبسطاء وعامة الناس؟

وما السر الذي جعل الشعراء تتسابق بقصائد الرثاء، و كأن في روح كل فرد منهم خنساء؟

لعل من ملامح هذا السر ما رأيته منك عيانا، و عن قرب ،كتلك الليلة التي ذهبنا فيها قبل سنوات من "دبي" إلى "أبو ظبي" برفقة أخي السيد هاشم الحامد، وكان حديثك معنا طوال الرحلة ذهابا وإيابا عن الله والدعوة..
لم تحدثنا عن سوى ذلك.

و لعل من ملامح هذا السر هو جوابك عندما سألك أحد أفراد العائلة الحاكمة في بلد ما، لماذا لم تزرنا مرة أخرى منذ زمن؟
فقلت له بكل وضوح عهدناه منك:
متى نظرتم إلينا عندما نزوركم كدعاة دين، ستراني كثيرا، و لكن متى نظرتم إلينا كطلاب دنيا، فلن تراني هنا!
نعم قلتها له، و لأنه رجل صالح، ويعلم صدقك ويدرك أنك لم تزره من أجل الدنيا، ما زاده ذلك إلا سرورا و انشراحا و محبة لك..

ومن ملامح هذا السر ما حدثني به اليوم، صديقي الطيب من مصر عندما زارك في محل إقامتك يومها في مدينة جدة، ومكث برفقة من معه عندك ثلاثة أيام لتلقي العلم، وعندما استأذنوا للذهاب إلى السوق، لشراء بعض الهدايا لأهاليهم فلم تأذن لهم!

ولعلهم استثقلوا ذلك، وفي اليوم الثالث الذي سيخرجوا فيه إلى المطار مباشرة، و من غير هدايا /كما ظنوا/ ، يجدوا أنك أحضرت لكل منهم من الهدايا و غيرها ما يسرهم و يأسرهم، وكفيتهم بذلك عناء التسوق، وحفظت لهم وقتهم معك لما هو أجل و أجمل.

ومن ملامح هذ السر أنني لم أسمعك يوما تذكر من يسيء إليك بسوء، فضلا عن غيره، وجعلتنا بذلك نرى معنى التسامح والعفو وسمو الخلق قولا وفعلا، على أرض الواقع.
كنت تواجه من يتهجم عليك بابتسامتك المعهودة، والكثير من الدعاء الطيب للطرف الآخر.

و من ملامح هذا السر أنك لم تكل يوما عن الدعوة والتذكير بالله، و أنت في أشد فترات مرضك، وفي أوقات فقدك لأقرب الناس إليك، فضلا عن غير ذلك من الأوقات.

ومن ملامح هذا السر مقابلتك للكبار كآباء و أخوة، وللصغار كأبناء و أحفاد، بوجه باسم ، وقلب يفيض محبة.

و من ملامح هذا السر ما رأيته بأم عيني و ماسمعته منك وعنك ، و هو أكثر من أن يتسع له هذا المقام.
اللهم أقر عين فقيدنا عندك بما تقر به عيون أهل الصدق معك، وأهل القرب منك، و اجبر كسر قلوبنا.
وللحديث بقية…