في إطار اهتمام المركز الإعلامي لمديرية الحد بمحافظة لحج بتسليط الضوء على جهود السلطة القضائية ودورها المحوري في ترسيخ العدالة وتعزيز الأمن والاستقرار، أجرى المركز لقاءً خاصًا مع فضيلة القاضي عبدالله مهدي، رئيس محكمة الحد الابتدائية، الذي استعرض مسار العمل القضائي في المديرية، وأبرز الإنجازات التي تحققت خلال العامين الماضي والحالي، إضافة إلى التحديات التي تواجه سير العدالة.
استهل القاضي عبدالله مهدي حديثه بالقول: "منذ اليوم الأول لوصولي إلى مديرية الحد، ألقيتُ خطابًا في أحد الصلح القبلي، أكدتُ فيه على أهمية الثقة بالقضاء، وقلتُ لأبناء المديرية: يجب أن تثقوا بي وبالمؤسسة القضائية، وأعاهد الله عز وجل ثم أبناء الحد أن أكون عند حسن ظنهم، وأن نرفع الظلم عن المظلوم ونعيد الحق لأصحابه."
وأوضح فضيلته أن هذه الرسالة كانت نقطة انطلاق نحو استعادة الثقة المجتمعية بالقضاء بعد سنواتٍ من لجوء بعض المواطنين إلى التحكيم القبلي لحل النزاعات، مشيرًا إلى أن هذا التحول يُعد من أهم المكاسب التي تحققت للمؤسسة القضائية في الحد.
وأكد القاضي مهدي أن ما تحقق من نجاحات لم يكن ليتحقق لولا التكامل والتنسيق الوثيق بين محكمة الحد الابتدائية والنيابة العامة والسلطة المحلية والأجهزة الأمنية، مشيدًا بالدور الفاعل الذي تقوم به هذه الجهات في دعم القضاء.
وقال فضيلته: "بفضل الله، ثم بفضل الدعم المتواصل من السلطة القضائية ممثلة بمحكمة الاستئناف ومجلس القضاء الأعلى، وبالتعاون مع السلطة المحلية ممثلة بالأستاذ عارف صالح علي زين، وإدارة أمن المحافظة والمديرية بقيادة النقيب محمد القاضي، تمكّنا من إنجاز عدد كبير من القضايا في مختلف الجوانب المدنية والشخصية والجنائية."
كما أشاد بالدور الكبير الذي يقوم به وكيل النيابة القاضي توفيق المعكر، واصفًا أداءه بـ"المتميز والمهني"، مؤكدًا أنه كان إضافة حقيقية لمنظومة العدالة، وساهم في إنجاز عدد من القضايا الجنائية الراكدة التي كانت عالقة في السابق نتيجة ضعف التنسيق، مشيرًا إلى أن التناغم الحالي بين المحكمة والنيابة انعكس إيجابًا على سرعة البت في القضايا وتحقيق الردع العام.
وفي حديثه عن حصيلة الأداء القضائي، كشف القاضي عبدالله مهدي عن إحصاءات دقيقة توضح حجم العمل المنجز خلال العام الهجري 1446هـ، حيث بلغ عدد القضايا المنظورة كالتالي:
70 قضية مدنية
40 قضية شخصية
72 قضية جنائية
400 قضية إثبات تم الفصل فيها بالكامل
وأضاف أن العام الهجري الحالي 1447هـ شهد تحسنًا نوعيًا في سير العمل القضائي نتيجة الانسجام المؤسسي بين النيابة والمحكمة، مما ساعد على تسريع إجراءات التقاضي وتعزيز الردع العام.
ورغم ما تحقق من إنجازات، أشار القاضي عبدالله مهدي إلى أن المحكمة ما تزال تواجه صعوبات حقيقية تعيق سير العمل، أبرزها نقص الكادر الإداري والفني، موضحًا بالقول: "نحن بحاجة ماسة إلى ثلاثة موظفين إداريين إضافيين وقاضٍ آخر لتقاسم حجم العمل، فكل حكم يحتاج إلى وقت وجهد في التبييض والتقييد والتوثيق في السجلات، ومع قلة الكادر الإداري يتأخر تسليم الأحكام للمواطنين، مما يخلق سوء فهم لدى البعض تجاه المحكمة."
وأوضح أن فريق المحكمة يعمل بنظام دوام مزدوج صباحي ومسائي لمواكبة حجم القضايا المتزايد، خصوصًا في القضايا المدنية والجنائية، ورغم ذلك يظل ضغط العمل كبيرًا جدًا.
وفي ختام اللقاء، وجّه فضيلة القاضي عبدالله مهدي رسالة توعوية لأبناء مديرية الحد دعاهم فيها إلى نبذ الثأرات واللجوء إلى القضاء في حل النزاعات، قائلًا: "أدعو الجميع إلى الابتعاد عن ثقافة أخذ الحق باليد، فالقضاء موجود ولن يموت، وقد تطول الإجراءات، لكن العدالة ستتحقق طال الزمن أو قصر. من له حق سيناله، والأحكام الصادرة خير شاهد على أن القضاء في الحد يعمل وفق مبادئ العدالة والإنصاف."
كما دعا فضيلته قيادة السلطة المحلية والأمنية بمحافظة لحج إلى تعزيز الأمن في المديرية بقوة بشرية وآليات عسكرية نظرًا لحاجتها الماسة لذلك، مؤكدًا أن استقرار الوضع الأمني سينعكس إيجابًا على أداء المحكمة وسير العدالة.
واختتم القاضي عبدالله مهدي حديثه بالتأكيد على أن بناء الدولة لن يتحقق إلا بوجود قضاء قوي ونزيه ومستقل، قائلاً: "لن نبني دولة مؤسسات إلا بوجود قضاء عادل يطبّق النظام على الجميع دون استثناء."