آخر تحديث :الثلاثاء - 23 أبريل 2024 - 07:06 م

كتابات واقلام


وضوح الرئيس العليمي وقوة النائب الزُبيدي

الخميس - 21 أبريل 2022 - الساعة 04:20 م

سامي الكاف
بقلم: سامي الكاف - ارشيف الكاتب


منذ أن أعلن الرئيس السابق عبدربه منصور هادي نقل صلاحياته الرئاسية، بلا رجعة، إلى مجلس قيادة رئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي، كأمر مفاجئ لم يتوقعه أحد، بدأت مرحلة جديدة لا شك صعبة ومعقدة من الصراع على السلطة، يشوبها التوجس والحذر والغموض في صناعة القرار السياسي في اليمن من المفترض أن تقوم على التشاور والتوافق في اتخاذ القرارات على طريق الوصول إلى حل سياسي شامل و مستدام في كل اليمن.
وجه من أوجه الصراع على السلطة لهذه المرحلة الجديدة التي يشوبها التوجس والحذر والغموض، بدا - وفق كثيرين - وكأنه بين شرعيين وحوثيين، في حين راح آخرون يصنفونه، كوجه آخر من أوجه الصراع على السلطة، صراعاً بين وحدويين وانفصاليين يواجهون عدواً واحداً هو الحوثي.
أظهرت الأيام الأولى التي تلت الإعلان الرئاسي حالة من التفاؤل تجلت في اللقاءات التي راح يعقدها نواب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وتأكيداتهم بضرورة وحدة الصف، كشعار لمرحلة جديدة، في مواجهة الحوثي: عدوهم المشترك، وحرصهم على تنفيذ مخرجات المشاورات اليمنية-اليمنية في الرياض التي دعت إليها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وتوافق ووافق عليها جميع الحاضرين.
بدا شعار وحدة الصف في مواجهة الحوثي مُوحّداً، على الأقل ظاهرياً، لكل من حضر مؤتمر المشاورات اليمنية-اليمنية في الرياض، وعززته تصريحات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي - نائب رئيس المجلس الرئاسي عيدروس الزُبيدي والتي أشارت إلى ذلك صراحة، مؤكداً أن الحل السياسي، بعد حسم المواجهة مع الحوثي، يمكن حلها بالوسائل الديمقراطية (قالها، بحضور النائب عبدالله العليمي، في لقاء جمعهما مع أعضاء المحور الإعلامي في مؤتمر المشاورات اليمنية-اليمنية في الرياض؛ وكنتُ حاضراً بالطبع بصفتي عضو هذا المحور).
ومع مرور الوقت، بدت أصوات، لا يهمها وحدة الصف، ترتفع ضاغطة باتجاه إظهار أن المجلس الانتقالي الجنوبي تخلى عن هدفه الذي لطالما نادى به وهو الانفصال؛ دفاعاً عن القضية الجنوبية (وهو موضوع معقد غير محدد أهدافه ولا تعريفاته إلى الآن: هل الانفصال يعني استعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو الاصرار على ما جاء في ما سمي بإعلان عدن التاريخي في ٤ مايو ٢٠١٧ : إقامة جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية على أرض جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة).
ارتفاع الأصوات الضاغطة، في هذا التوقيت المفصلي الحرج، باتجاه إظهار أن المجلس الانتقالي الجنوبي تخلى عن هدفه الذي لطالما نادى به وهو الانفصال، جعل الأمر - قبل تأدية اليمين الدستورية - وكأن الموضوع الأساس فعلاً هو صراع بين وحدويين وانفصاليين غير عابئين بكل ما سبق من تعسف وظلم واقصاء للكثير من الكوادر و الكفاءات الجنوبية وبالتالي بما له صلة بالقضية الجنوبية وحق شعبها في تقرير مصيره، على حساب المرحلة الجديدة التي رفعت شعار وحدة الصف في مواجهة العدو المشترك: الحوثي؛ وهو ما حشر رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي في زاوية صعبة وكأنه مقبل على الانتحار السياسي، جعله تالياً، دقيقاً في اختيار كلمات اليمين الدستورية التي قام بقراءتها، بشجاعة وثبات، باتجاه تعزيز موقف الكيان السياسي الذي يرأسه، وبالتالي وهذا هو الأهم، الابقاء على القضية الجنوبية في صدارة المرحلة الجديدة من الصراع على السلطة.
وجاء قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بتعيين المحافظ أحمد لملس وزيراَ عضواً لمجلس الوزراء ليعيد لمدينة عدن اعتبارها بصفتها العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية؛ في حين كان خطابه، أي خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بشأن تحديد أولويات المرحلة الجديدة مُطمئناً تماماً: واضحاً، رصيناً، ومسؤولاً باتجاه أن "المجلس سيمضي بروح الفريق الواحد، ويلتزم أمام أبناء الشعب اليمني شمالاً وجنوباً بالسير على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني لمواجهة كافة التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى رأسها إنهاء الانقلاب والحرب، واستعادة الدولة والسلام والاستقرار ومعالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي، وإعادة بناء المؤسسات واستقرارها في العاصمة المؤقتة عدن وعلى امتداد التراب الوطني كله".
وعلى الرغم من تعيين رئيس وأعضاء هيئة التشاور والمصالحة جاء بالتوافق وليس بالانتخاب وفق ما نص عليه الإعلان الرئاسي الذي أتى بمجلس القيادة الرئاسي إلى واجهة المشهد السياسي الجديد، إلا أن تعيين القيادي الانتقالي الشاب محمد الغيثي رئيساً لهذه الهيئة، جعل القضية الجنوبية في مشهد الصدارة من جديد؛ بل و يكمن الأهم، في تصوري، في افساح المجال للوجوه الشابة (الجديدة) على حساب الوجوه (القديمة) التي ما زالت تدافع عن وجودها، وعن مصالحها التي أكتسبتها خلال المراحل السابقة، و تحاول إعادة تموضعها من جديد ولو بتأزيم الموقف وخلط الأوراق بهدف عدم ازاحتها من المشهد السياسي.

#سامي_الكاف