آخر تحديث :الجمعة - 26 أبريل 2024 - 09:18 ص

كتابات واقلام


دور المرأة في ثورة 14 أكتوبر

الأربعاء - 12 أكتوبر 2022 - الساعة 07:09 م

د.زينة محمد
بقلم: د.زينة محمد - ارشيف الكاتب


د. زينة محمد عُمر خليل

يستحضرنا اليوم أنه يعتقد الكثير من أصحاب الأخلاق النزيهة أن العقلية تتغير بسرعة في الحال الثورية،وقيمنا هي قيم المجتمع الذي سرعان ما ينتشر فيه الفساد.وسوف يشهد ثورة عاصفة من خلالها سيرتقي الثوار بسلوكهم إلى مستوى أعلى،وأن المثقف الثوري سيُضرب به المثل بالترفع عن المبتذل. ومع ذلك،عندما رأوا شيئاً مخالفاً لما توقعوه بدؤوا يشعرون بخيبة أمل،مما أدى إلى اليأس. فنحن الآن نبحث عن شيء يساعد في تقليل خيبة الامل هذه،فإذا كان صحيحاً أن عقلية وقيم وسلوك الثورة الحالية غير متسقاً لعقلية وقيم وسلوك الحال الماضية عند ثورة 14 أكتوبر،فإن القيم والمعاني والعقلية بطيئة التغيّر،وبالتالي فإن السلوك الحميد هو اﻵخر بطيء التغيّر. الثقافة التي أكتسبها المواطنون والثوريون على مدى عقود أصبحت عن غير قصد جزءً لا يمحى من الروح،والواقع أن الثورة ليست خالية من الصراع والتناقض. الثورة مزيج من التمرد والعنف واحتكار السلطة والفداء.مع ذلك تؤدي وظيفة سامية لإسقاط الظلم والاستبداد ومن المفيد العودة إلى تاريخ الثورات الكبرى في اليمن 26 سبتمبر ـ 14 أكتوبر,وهذا النضال وظاهرة الانحلال الأخلاقي التي يمثلها الفساد اليوم هي الأعظم. دليل على أنها أحلك صورة للحياة الثورية اليمنية،وهنا يظهر المثقف الأخلاقي وخطابه الدؤوب في انتقاد الجوانب الأخلاقية الموروثة،بعيداً عن مشاجرات لا تسمن ولا تغني عن جوع. الاختلافات الثورية ليس لها تأثير مثير،إلا في مجال الاعتراف بالحقيقة.

مع احتفالنا بالذكرى التاسعة والخمسين لثورة 14 أكتوبر،نلاحظ الدور البطولي الذي لعبته المرأة في مراحل حرب التحرير وتحقيق الاستقلال في جنوب اليمن خلال حقبة الصراع المسلح،تساعد الثوار والمقاتلين في تنقلاتهم إلى القرى والجبال العالية،وتزودهم بكل ما يحتاجونه من طعام ومياه في منازلهم،وتقدم لهم الإسعافات الأولية.كما لعبت دوراً مهماً ومهماً في الالتحاق بالتعليم ،مند ما قبل الثورة،ويتميز دورها بطابع سياسي وتنظيمي،فقد شاركت المرأة في تنظيم الجبهة القومية منذ نشوء التنظيم،وشاركت في مختلف أشكال النضال السلمي من خلال النقابات العمالية،لا سيما مع تأسيس مؤتمر العمال 1956.وعند الإعلان عن قيام الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني،حتى الاستقلال،نشأت التنظيمات السياسية والفصائل المسلحة للقيام بهذه المهمة وقيادة الكفاح المسلح والعمل الفدائي،ومثَّل ذلك نقطة تحول كبيرة في مسيرة نضال الشعب اليمني وتحرره،الأمر الذي دفع بالعديد من النساء المناضلات الانضمام إلى جمعية المرأة العربية لممارسة نشاطاً عاماً داخل هذه الجمعية سمح لهن بالعمل علناً ،ومن أوائل المناضلات كانت،زهرة هبة الله،عائدة علي سعيد،ونجوى مكاوي،وفتحيه باسنيد،وأنيسة محمد سعيد الصائغ.وستة من أبرز المعلمات،وهن:ثريا منقوش،فوزية محمد جعفر الشاذلي،فطوم علي احمد،وأنيسة احمد سالم ،وآمنة عثمان يافعي(سعاد)،ورجاء احمد سعيد،واللواتي عملن في صفوف المعلمين لإقناع العناصر التي تؤمن بالكفاح المسلح بالانضمام إلى التنظيم السري للجبهة القومية.

لم يقتصر دور المرأة في النضال،على الأدوار الاجتماعية والتوعوية،فبالإضافة إلى أنجح عمليات فدائية ضد القواعد والمراكز العسكرية والمنشآت الحيوية للمستعمر البريطاني،كان يعود في ذلك للمرأة بمختلف المحافظات،وفي المدن كن مناضلات يعملن على خلق ظروف مناسبة وآمنة للقيام بعمليات عسكرية ضد الاستعمار.

وفي مدينة عدن وخاصة في معركة التحرير،عندما سقطت مدينة كريتر في أيدي فدائيي الجبهة القومية ،تم تكريم العديد من قادتهم بالاستشهاد والاعتقال وقيادة الدبابات البريطانية استشهدت خديجة الحوشبية برصاصة بريطانية في منطقة الحوا شب،واعتقلت نجوى مكاوي وفوزية محمد جعفر أثناء توزيعهن مطبوعة الشهيد بدر في منطقة كريتر. وحكم على هاتين المناضلتين بالإعدام،خلال حملة الصراع والاغتيال بين الجبهة القومية وجبهة التحرير.أما المناضلات،زهرة هبة الله وعائدة يافعي وأنيسة الصائغ،حاصرهن الجيش البريطاني عندما كن يوزعون المناشير على منابر المسجد. وهناك العديد من المناضلات،تعرضن للضرب والاعتقال من قبل سلطات الاستعمار البريطاني،وبالذات عندما كن يقمن بالاعتصام أمام سجن المنصورة الذي كان فيه العديد من المعتقلين.كانت المرأة اليمنية في عدن قائدة للعديد من التظاهرات الجماهيرية المنظمة والعفوية حيث تقدمت الحشود لمواجهة قوات الاحتلال وقناصتها ،في 24 سبتمبر 1962 م ،عندما احتشد حشد كبير رافضاً تكوين الاتحاد الفيدرالي وضمه عدن،وقادت النساء ذلك،وفي ذلك اليوم أحترق مبنى المجلس التشريعي في كريتر وجرح المئات من المواطنين بينهم العديد من القتلى ومن زج بهم في المعتقلات السياسية ،بينهم رضية إحسان الله وصافيناز اللذان حكم عليهما بالسجن نتيجة لدورهن البطولي والمؤثر في دعم الثورة،تعرضت نساء مستعمرة عدن على وجه الخصوص لأنواع مختلفة من أساليب الإرهاب والتعذيب النفسي والجسدي.

يسجل التاريخ أسماء العديد من النساء اللواتي تم تكريمهن كرواد في النضال السياسي والاستشهاد،استشهدت لطيفة علي شوذري،على يد قناصة بريطانية في عام 1965 م. بينما كانت في طليعة المظاهرات السلمية معظمها من النساء في كريتر. في الوقت نفسه كانت من أبرز المناضلات خلال الاحتلال والجسورات اللاتي خضن العمل السياسي دون خوف.وهكذا صنعت المرأة اليمنية مع أخيها الرجل تاريخ انتصارات مند اندلاع ثورتي سبتمبر وأكتوبر التي توجت بإعلان الاستقلال يوم في 30 نوفمبر 1967م.وحتى الآن يمكنك أن ترى أن المرأة صنعت تاريخاً من الانتصارات لشعبنا وبلدنا والى الأبد.

* الأربعاء؛ 12 أكتوبر 2022م