آخر تحديث :الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - 08:59 ص

كتابات واقلام


الفاسد الواعظ في الفساد

الثلاثاء - 15 يوليو 2025 - الساعة 05:03 م

أبو مصعب عبدالله اليافعي
بقلم: أبو مصعب عبدالله اليافعي - ارشيف الكاتب


حقًا إننا نعيش في زمن عجيب، حين ترى مسؤولًا غارقًا في الفساد من رأسه حتى أخمص قدميه، يخرج ليحدث الناس عن مخاطر الفساد وأثره على بناء الأوطان، وكأننا لا نعلم من هو ولا نعرف تاريخه.
هذا المسؤول، الذي تَلبَّس دور الواعظ، يظن أنه قادر على خداع الجميع، ناسياً أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن من اعتاد التربح غير المشروع واستغلال المنصب، لا يمكن أن يكون صادقًا في حديثه عن النزاهة.
يا هذا، إن استغلالك لموقعك الحكومي لتحقيق مصالحك الشخصية عبر السمسرة والصفقات المشبوهة لم يعد خافيًا على أحد. لا تظننّ أن من حولك لا يدرك حجم فسادك، ولا تعتقد أن الشعب غافل عن الطرق التي تسخّر بها المنصب لخدمة طموحاتك المالية المشبوهة.
لقد خنت الأمانة، ونقضت القسم الذي أقسمته لخدمة الوطن والمواطن. فبدلًا من أن تكون حارسًا على المال العام، تحوّلت إلى أكبر ناهب له.
فلا تتقمص ثوب النقاء، ولا ترتدِ عباءة الموعظة، وأنت الغارق حتى النخاع في وحل الفساد. انظر إلى نفسك أولًا، واجلس مع ضميرك — إن بقي منه شيء — وراجع ما اقترفته من أعمال مشينة بحق وطنك وشعبك.
ازدواجيتك المريضة، وشخصيتك المنفصمة بين الفساد والوعظ، تكشف عن خلل عميق في قيمك ومبادئك.
فالمسؤولية أمانة، وليست وسيلة للنهب والثراء الحرام. إن كنت تخاف على الوطن، فابدأ بإصلاح نفسك أو على الأقل اصمت، لأن الوطن لم يعد يحتمل المزيد من التزييف والتضليل.
كفى عبثًا بهذا الوطن الجريح. كفى نهبًا لثرواته وتجويعًا لشعبه. أنتم – ومن على شاكلتكم – مكشوفون، والشعب بات يرى وجوهكم الحقيقية بوضوح الشمس في كبد النهار.
وإن لم تحاسبكم المؤسسات اليوم، فإن الله العادل لن يغفل عن أعمالكم. أين ستهربون يوم تقفون أمام خالقكم، وقد أكلتم أموال الناس بالباطل وضيّعتم الأمانة وسفكتم كرامة هذا الشعب؟.