آخر تحديث :الأحد - 07 ديسمبر 2025 - 07:20 م

كتابات واقلام


الإمارات.. الوفاء الذي لا يُشترى

الجمعة - 28 نوفمبر 2025 - الساعة 07:57 م

علي سيقلي
بقلم: علي سيقلي - ارشيف الكاتب


علي محمد سيقلي

ليس الحديث عن الدور الإماراتي في الجنوب ترفًا سياسيًا ولا محاولة لطلاء الواقع بدهان المجاملات. هو حديث عن حقيقة يلمسها الناس في الشارع قبل أن يسمعوها في نشرات الأخبار: دولة قالت وفعلت، ووعدت وأنجزت، ووقفت إلى جانب الجنوب في أحلك سنواته دون أن تلوّح بأصابع الطمع أو تُخفي خلف الابتسامة مشروعًا غير الذي أعلنت عنه منذ اليوم الأول.

الإمارات لم تتعامل مع الجنوب كمساحة نفوذ، بل كقضية عادلة تستحق أن تُوقف لها دولة تحترم مبادئها. لم تُقدّم دعمها على طريقة تجار الحروب، ولم تبتز أبناء الجنوب بمواقف أو تنازلات. أعطت، وقدّمت، وساندت… ثم قالت بكل وضوح: افعلوا ما ترونه مناسبًا لمستقبلكم. وهذه وحدها شهادة لا تمنحها الدول عادةً إلا لمن تثق بهم حقًا.

أبناء الجنوب لم يجدوا في الإمارات دولة داعمة فحسب، بل شريكًا يتقن أخلاق المروءة. فمن يقف معك في المحنة، يستحق أن يقف الناس معه في الرخاء. علاقة مبنية على الاحترام، وعلى تاريخ طويل بدأ يوم وطئت قدما حكيم العرب الشيخ زايد أرض الجنوب، وترك وصية واضحة: الجنوب في قلوبنا. صدق الرجل، وورث أبناؤه هذا الصدق عملًا لا شعارًا.

في كل لحظة كانت فيها المؤامرات تُحاك ضد الجنوب، كانت الإمارات تقف في الجهة المقابلة تمامًا: جهة الدعم، البناء، التسليح، التمكين، والتثبيت. مواقف لا تحتاج إلى كاميرات لتوثيقها، فشوارع عدن ومؤسساتها الأمنية والعسكرية وبنيتها التحتية تتحدث بصوت أعلى من كل بيانات السياسة.

لم يكن غريبًا أن تُصبح الإمارات هدفًا لحملات التأليب من قوى اعتادت أن تعيش على صراخ الفوضى. قوى تدرك تمامًا أن وجود دولة صادقة مع الجنوب يعني سقوط مشاريعهم الصغيرة. لذلك جنّدوا إعلامًا مأجورًا، وكتّابًا بلا ضمائر، ورفعوا شعار: اضرب الإمارات لتسقط عدن.
ومن حملات التشويه إلى التأليب الرخيص يخرج الجنوب بعيدا عن كل هؤلاء أكثر وعيًا، وأدرك أن هذه الحملات ليست عداءً للإمارات بقدر ما هي عداء للجنوب نفسه.

يحاول البعض استخدام وصف "المدعومين إماراتيا" كشتيمة سياسية. بالنسبة لنا، ولمن يعرفون معنى الوفاء، هي شارة شرف. أن تكون مدعومًا من دولة وقفت مع شعبك في الأيام الصعبة شرف لا يملكه كثيرون. نرد عليها ببساطة: نعم، ونحن نفخر بذلك. أما التهمة فليبحثوا عنها في دفاتر الذين استلموا الدعم ثم باعوا المواقف في أول مزاد سياسي، وباعو الجمل بما حمل لسيد الكهف.

ما فعلته الإمارات مؤخرًا في ملف الكهرباء يكشف الفرق بين من يريد للجنوب أن يتعافى، ومن يريد له أن يظل غارقًا في العتمة. تدخل واضح، صريح، وحاسم؛ ليس لأجل صناعة مجدٍ إعلامي، بل لإنقاذ الناس من كارثة يومية. إغلاق ملف استثمرته أطراف أخرى لأعوام في لعبة الضغط السياسي، فجاءت الإمارات لتقول: دعوا الناس يعيشون.

عداء الإخوان للإمارات ليس لغزًا. تنظيم يكره الاستقرار بطبيعته، ويختنق أمام أي دولة تحارب التطرف وتفضح مشاريعه. ولهذا كان صدامهم معها حتميًا. لكن المثير للسخرية أن نتائج هذا العداء جاءت كلها في صالح الجنوب؛ فكلما ازداد صراخهم، ازداد وعي الناس بقيمة الإمارات، وبأن وقوفها إلى جانب الجنوب ليس طارئًا ولا مشروطًا.

خلاصة القول أن الجنوب لا ينسى، والإمارات لا تنتظر الشكر. علاقة صادقة تُبنى يومًا بعد آخر، وتتجلى في تفاصيل الدعم، والإعمار، والأمن، وبسط الاستقرار. علاقة نادرة في عالم السياسة، حيث يصبح الصديق الحقيقي ثروة وطن لا تقل قيمة عن الأرض التي يقف عليها.