آخر تحديث :الإثنين - 15 ديسمبر 2025 - 10:45 ص

كتابات واقلام


تجديد روح الاستقلال على طريق استعادة الدولة الجنوبية

الأحد - 30 نوفمبر 2025 - الساعة 05:37 م

عصام عبده علي
بقلم: عصام عبده علي - ارشيف الكاتب


يطلّ علينا الثلاثون من نوفمبر كل عام حاملاً عبق التاريخ وأصوات المناضلين الذين خطّوا بدمائهم الطاهرة صفحة مضيئة في سجل الحرية. ففي مثل هذا اليوم من عام 1967 انتزع الجنوب العربي استقلاله الكامل من الاستعمار البريطاني بعد مسيرة نضالية طويلة وشاقة قدم خلالها الشعب الجنوبي قوافل من الشهداء، وسجّل أروع صور الصمود والتضحية.

تمثل الذكرى الـ58 لعيد الاستقلال هذا العام محطة خاصة تتجاوز حدود الاحتفاء التقليدي، إذ تأتي في مرحلة مفصلية من مسيرة الشعب الجنوبي نحو استعادة دولته وهويته وحقه المشروع في تقرير مصيره. إنها ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل هي تجديدٌ للعهد مع تضحيات الأجيال التي آمنت بأن الجنوب وطنٌ يستحق الحياة والحرية والسيادة الكاملة.

لقد أعاد الثلاثون من نوفمبر تشكيل الوعي الوطني الجنوبي، ورسّخ قيم الكرامة والرفض القطعي لأي شكل من أشكال الوصاية أو الهيمنة. واليوم، ونحن نعيش مرحلة جديدة من النضال السياسي والشعبي على طريق استعادة الدولة، تتجدد تلك القيم كمرجع ودافع واستحقاق لا يمكن التفريط فيه.

وفي هذا السياق، يبرز الدور المحوري للمجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره الحامل السياسي للقضية الجنوبية وقيادة المشروع الوطني الجنوبي في هذه المرحلة التاريخية. فقد تمكن المجلس، منذ تأسيسه، من توحيد غالبية المكونات الجنوبية تحت مظلة واحدة، وإعادة تشكيل الحياة السياسية الجنوبية على قاعدة الشراكة والتوافق، وتوجيه الجهود نحو هدف استراتيجي واحد هو استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.

كما استطاع المجلس الانتقالي أن ينقل القضية الجنوبية من إطارها المحلي إلى فضاءات الإقليم والعالم، عبر الحضور السياسي والدبلوماسي الفاعل، وإدارة حوار مسؤول مع مختلف الأطراف والدول، واضعًا مصالح شعب الجنوب في مقدمة أولوياته. إضافة إلى دوره الأمني والعسكري في تثبيت الاستقرار في محافظات الجنوب وصدّ التحديات التي تهدد أمنه ومستقبل أبنائه.

إن وحدة الصف الجنوبي اليوم تمثل الركيزة الأساسية لعبور هذه المرحلة الحساسة. فالتحديات كبيرة، واستحقاقات الواقع تفرض مستوى عاليًا من التماسك والالتفاف حول المشروع الوطني الذي يجسده المجلس الانتقالي، باعتباره الإطار الجامع للإرادة الشعبية الجنوبية.

ومثلما حقق الجنوب استقلاله الأول في نوفمبر 1967 بإرادة جماعية صلبة، فإن معركة الاستقلال الثاني، بمضامينها السياسية والهوية والوطنية، لن تُنجز إلا بتلك الروح ذاتها. إن المحافظة على وحدة الصف، واستحضار دروس الماضي، وتعزيز العمل المشترك بين القوى الجنوبية كلها، هو الطريق الأمثل لصناعة مستقبل جديد يعيد للجنوب مكانته ودوره.

وفي هذه المناسبة الخالدة، نؤكد أن الوفاء لتضحيات الشهداء والأبطال لا يكون بالشعارات، بل بالثبات على مبادئ الحرية والسيادة، وبالإصرار على تحقيق تطلعات شعب الجنوب في دولة آمنة، مستقرة، عادلة، ومزدهرة.

التحية لكل مناضل ساهم في صنع استقلال نوفمبر،
والعهد بأن يستمر النضال حتى تشرق شمس الاستقلال الكامل مجددًا على أرض الجنوب العربي.