آخر تحديث :الجمعة - 14 نوفمبر 2025 - 05:43 م

كتابات واقلام


تعز ومشروع الحماية البريطانية

الثلاثاء - 07 أكتوبر 2025 - الساعة 02:34 م

د. محمود السالمي
بقلم: د. محمود السالمي - ارشيف الكاتب


في بداية الحرب العالمية الأولى أعد العقيد "ر. أ. واهوب" من سلاح الهندسة البريطاني مذكرة من 4 صفحات من الحجم الكبير (لدي صورة منها) عن إمكانية توسيع حدود المحمية البريطانية في الجنوب حال هزيمة الأتراك، لتشمل مناطق شافعية عدة، وكان مبرره أن الحدود التي تم ترسيمها مع الأتراك تركت للبريطانيين المناطق القاحلة وحرمتهم من المناطق الخصبة وذات المناخ الصحي، والأهمية العسكرية، واقترح أن تمتد الحماية لتشمل مريس وماوية وتعز وتهامة، وكذلك اقترح مد سكة حديدية إلى تعز التي قال أنها تتمتع بموقع استراتيجي وانها تتوسط خطوط الطرقات الرئيسية، واقترح أن تظل المناطق الزيدية خاضعة للإمام، لكن يبدو أن الحكومة البريطانية في الهند لم تتحمس لذلك المقترح الذي كان يتطلب نفقات مالية وقوة عسكرية.
وخلال الحرب وحتى نهايتها ظل يتواصل مع المقيم البريطاني في عدن كما تشير التقارير الاستخباراتية الشهرية التي كانت ترفع من عدن تحت عنوان (نشرة عدن)، عدد كبير من مشائخ المناطق الشافعية الذين أبدوا استعداهم لمقاتله الأتراك وكذلك الإمام، ومنهم محمد ناصر مقبل شيخ ماوية وأحمد نعمان شيخ الحجرية، وأحمد باشا من تعز، وكذلك مشايخ اليوسفيين، وآل العبوس، والمعمري، والقباطي، والعزعزي، والشوافي ، والمُقطري، والأغبري.
ومع نهاية الحرب تواصل مع المقيم في عدن كل من الشيخ محمد بن عبد الواحد، الشيخ الرئيسي لمنطقة إب، والشيخ عمر بن علي بن عبد الله من العدين، إضافةً إلى أربعة مشايخ آخرين من المنطقتين المذكورتين. وأوضحوا أنه بإمكانهم جمع قوة مكونة من 15 ألف إلى 20 ألف مقاتل، لكنهم بحاجة إلى المساعدة وخاصة المالية، إما السلاح والذخيرة فليست عندهم مشكلة كبيرة فيه.
وهناك من زار عدن من هؤلاء المشائخ وظل بها مدة طويلة على أمل الحصول على الدعم العسكري من البريطانيين ومنهم الشيح محمد حسن من جبل حبشي، وهو شيخ ورجل دين صوفي كانت له مكانة كبيرة، وكان يعادي الأتراك والإمام معا، وكذلك الشيخ عبد الوهاب نعمان، وهو أيضا من اشد المعارضين للإمام. ومع ذلك فقد أبلغهم المقيم البريطاني بصعوبة تقديم أي دعم أو مساندة لهم بوصفهم خارج مناطق الحماية البريطانية.
وبعد ذلك لم يجد هؤلاء المشائخ في ظل صعوبة الدعم البريطاني وعدم وجود شخصية شافعية قوية ومحورية يمكن لها أن تقود المقاومة ضد الإمام غير التفاهم معه لاسيما وأنه أظهر مرونة كبيرة في التعامل معهم وثبت كل شيخ على منطقته شريطة أن يلتزم بدفع الواجبات.